ومن هنا يظهر أنه يمكن إرجاع النّزاع في إطلاق الشيء على المعدوم وعدمه إلى القول بثبوت الأعيان أو جعلها في الإمكان وعدمه ، فليس البحث لغويّا محضا فيه ، ولا في جواز إطلاقه عليه سبحانه ، فانّ قوما لم يجوّزوا إطلاق الشيء عليه ذهابا إلى مجرّد التعطيل نظرا إلى أنّه تعالى لو كان شيئا لشارك الأشياء في مفهوم الشيئيّة ، ولذا منعوا أيضا من إطلاق الوجود والموجود وذي الحقيقة والهويّة ونحوها في حقّه سبحانه.
وفيه أنّ هذه من المفاهيم العامة الّتي لا عين لها في الخارج ، ولذا ترى أنّ الموجود في الأعيان لا يكون إلّا امرا مخصوصا كالإنسان والشّجر والحجر ، فيمتنع أن يوجد ما هو شيء فقط.
بل قد يقال : إنّه لو وجد معنى الشّيئيّة في الخارج للزم من وجود الشّيء وجود أشياء غير متناهية إذ كلّ ما يتحقّق في الخارج فهو شيء ، وله شيئيّة ، ولشيئيّته أيضا شيئيّة أخرى ، وهكذا إلى ما لا يتناهى.
وفيه نظر واضح فانّه نظير الشّبهة المعروفة في اتّصاف الوجود بالموجوديّة ، والّذي ينبغي أن يقال إنك قد سمعت أنّ الشيئيّة تساوق الوجود ، فكما أنّه سبحانه موجود بحقيقة الوجود الّذي لا يمكن كونه عن عدم ولا طروّ العدم عليه ، وغيره من الموجودات كلّها مفاضة منه منتسبة إليه ، من دون أن يجمعهما حقيقة واحدة كذلك يتّصف هو سبحانه بأنّه شيء بحقيقة الشّيئيّة وشيء لا كالأشياء ، كما ورد التّصريح بهما في الأخبار.
ففي خبر هشام عن الصادق عليهالسلام في جواب الزّنديق حين سئله ما هو فقال عليهالسلام هو شيء بخلاف الأشياء ارجع بقولي إلى إثبات معنى وأنّه شيء بحقيقة الشّيئيّة