والمزاهق ، وعلى الثّاني تشبيه أنفسهم باصحاب الصّيب وايمانهم الظاهري اللساني المخالط للكفر والنّفاق والشرك الباطني يصيب (فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) من حيث أنّه وان كان نافعا في نفسه لكنّه لما وجد في هذه الصورة عاد نفعه ضرّا وخيره شرّا وإبطانهم الكفر وخبث السريرة حذرا من نكايات المؤمنين وما يتطرّقون به من سواهم من عبدة الأوثان وجحدة الإسلام والإيمان من القتل والنّهب والأسر بجعل الأصابع في الآذان (مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ) من حيث إنّه لا يدفع عنهم شيئا من المضارّ بل (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) و (لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ) ، وما هم فيه من الوحشة والحيرة وجهلهم بأمور الدّين واحكام المسلمين وعجزهم عن جواب السائلين مع مسارعتهم إلى التقدّم في الرياسات وأخذ الغنائم وغصب المناصب بأنّهم كلّما صادفوا من البرق خفقة انتهزوها فرصة مع خوف شديد من افتضاحهم بالكشف عن خبث سرائرهم وفساد نيّاتهم وبظهور جهل رؤسائهم بالاحكام كما روي أنّه قال قائل منهم : أيّ سماء تظلّني وأيّ أرض تقلّني إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم (١).
وكان يقول : أقيلوني ولست بخيركم وعليّ فيكم (٢).
فوا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته لشدّ ما تشطرا ضرعيها (٣).
وكان الثّاني منهم يقرّ بعجزه وضعفه كلّما ارتطم واقتحم حتّى قال أزيد من سبعين مرّة لو لا عليّ لهلك عمر (٤).
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١ ص ٢٩ ـ الكشّاف للزمخشري ج ٣ ص ٢٥٣.
(٢) دلائل الصدق ج ١ ص ٢٥.
(٣) نهج البلاغة خ ٣ المشهورة بالخطبة الشقشقية.
(٤) السنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٤٤٢ ـ ربيع الأبرار للزمخشري.