على فرض صدق النّسبة إليهم مبنيّ على توهم كون الإرادة والمشيّة من صفات الذات وكون القدرة مغايرة للذّات الأحديّة إلّا أنّ هذا كلّه بمعزل عمّا هو التحقيق بل المعلوم من مذهب أهل البيت عليهالسلام هو كون الإرادة والمشيّة من صفات الفعل ، وإنّهما على فرض التّعدد أو الاتّحاد حادثتان بحدوث الفعل ، وانّ القدرة والعلم من الصّفات الذاتيّة الّتي لا تغاير الذّات الحقّة البسيطة بوجه من الوجوه ، بل ذاته قدرته ، وقدرته ذاته ، بلا مغايرة حقيقيّة أو اعتباريّة أو مفهوميّة أو مصداقيّة ، ولذا ورد الأمر بتنزيهه عن الصفات الزائدة وان كمال التوحيد نفي الصفات ، وأنّ من وصف الله فقد عدّه ، ومن عدّه فقد حدّه (١).
وذلك انّ القائلين بالصّفات الزائدة إن قالوا بقدمها لزمهم القول بتعدّد القدماء وإن قالوا بحدوثها لزم النقص عليه في أزله ، ولذا التجأ الاشاعرة إلى القول بإثبات قدماء ثمانية مع المبدء الاول تعالى الله عمّا يقولون علوّا كبيرا.
نعم يستفاد من تعريف الحكماء أنّ القدرة من الصّفات الذاتيّة وإنما اشتهر عنهم القول بالإيجاب والفاعليّة بالعليّة ونفي الاختيار وغيرها ممّا دلّت القواطع من العقل والنقل على فساده ، وتمام الكلام في مقام آخر.
ثمّ إنّ هذا التّمثيل كالأول على ما مرّ يحتمل كونه من التشبيه المركّب والمفرد ، فالفرض على الاول تشبيه حال عامّة المنافقين ولا سيّما الّذين تعاقدوا وتحالفوا على صرف الولاية عن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام فيما لهم أو ينالهم من الحيرة أو مقاساة الشدّة والشّقوة اللّازمة والخسارة الدّائمة بما يكابد من أخذته السّماء وأحاطت عليه بالسّحاب والمطر في ليلة متكاسفة الأنوار متراكمة الظّلمات فيها رعد قاصف ، وبرق خاطف ، وخوف من الصواعق ، والاقتحام من المزالق
__________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة الاولى.