العين والأمر إيجاد الكون على ما تسمع تمام الكلام في تفسير قوله (لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) (١) وقوله : (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) (٢).
وإذا قوبل بالتقدير والتّصوير ونحوهما فالمراد به بعض مراتب المشيّة كما في قوله تعالى : (هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ) (٣) ، وقوله : (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) (٤) ، وإطلاقه في المقام باعتبار شموله لاختراع الكون وابتداع العين بجميع مراتبها المفصّلة المتعلّقة بالرّوح والعقل والنّفس والطبيعة والمزاج والمثال والجسم الفلكي والعنصري وغيرها من متعلّقاتها وأجزائها المؤتلفة في الوجود الانساني المسمّى بهيكل التوحيد في جميع مراتبه الكونيّة والعينيّة ومن هنا يصحّ بناء على التأويل توجيه الخطاب الجمعي إلى جميع الذرّات الوجوديّة الشاعرة المدركة المجتمعة في هويّة كلّ فرد من افراد هذا النوع لتعلّق الخلق والتّربية بكلّ ذرّة منها فضلا من تعلّقاتها واضافاتها وارتباطاتها وايتلافها ونسبها وغير ذلك من متعلّقاتها.
(وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) ، معطوف على الضمير المنصوب في خلقكم ، والمراد بالموصولة الدّالة على العموم جميع ما خلقه الله تعالى قبل المخاطبين أو قبل كلّ مخاطب من المجرّدات والماديات الفلكيّة والعنصريّة والمواليد الّتي منها الحيوانات وبنو آدم ، وفائدة العطف التّنبيه على العظمة وعموم القدرة وسعة الرّحمة وغيرها ممّا يدلّ على استحقاقه للعبادة بمعنى المفعول ، واستحقاقهم لها بمعنى الفاعل ، مع ما تقدّم في خلق الّذين من قبلهم من إتمام النّعمة عليهم نظرا إلى الارتباطات المرعية
__________________
(١) الأعراف : ٥٤.
(٢) الإسراء : ٨٥.
(٣) الحشر : ٢٤.
(٤) الأعلى : ٣.