ربوبيّة الله وربوبيّة آلهتهم ، فيكون المراد بالربّ اسما يشترك فيه ربّ السموات والأرض والآلهة الّتي كانوا يسمّونها أربابا ، وتكون الصّفة حينئذ موضحة مميّزة بعيد جدّا إذ مع أنّه تخصيص في الخطاب من دون مخصّص ، لا ينبغي حمل الربّ مطلقا ومضافا على آلهتهم سيّما في مثل المقام ، وقد أنشد بعضهم طعنا على بعض ما سمّوه أربابا.
أربّ يبول الثعلبان برأسه |
|
لقد ذلّ من بالت عليه الثعالب |
والخلق في الأصل التقدير يقال : خلقت الأديم للسقاء إذا قدّرت له وخلق النعل إذا قدّرها وسوّاها بالمقياس وخلقت الأديم إذا قدّرته قبل القطع ، ومنه ما قيل : ما خلقت إلّا فريت ولا وعدت إلّا وفيت ، والمراد به إيجاد الشيء على تقدير واستواء.
قال الأزهري (١) : لا يجوز اطلاق هذه الصّفة بالألف واللّام لغير الله سبحانه ، والخلق إذا اطلق مصدرا أو فعلا يعمّ المشيّة ، والإرادة ، والقدر ، والقضاء ، والإمضاء ، وغيرها وهي الأمور الخمسة أو السّتة أو السّبعة الّتي لا يكون شيء في الأرض ولا في السّماء إلّا بها كما في الأخبار المعتبرة (٢) وكلّها من مراتب المشيّة ، ويراد بالخلق عند الإطلاق جميعها ولذا قال الامام عليهالسلام في تفسيره : أعبدوه بتعظيم محمّد وعليّ ابن ابي طالب (الَّذِي خَلَقَكُمْ) نسما وسوّاكم من بعد ذلك وصوّركم أحسن صورة (٣).
وإذا قوبل بالأمر فالمراد به عالم المعقول الّذي هو الوجود المقيّد وبالأمر الفعل الّذي هو الوجود المطلق ، أو هو الماديات والأمر المجرّدات ، أو هو إيجاد
__________________
(١) الازهري : ابو منصور ومحمد بن أحمد بن الأزهر الهروي الشافعي المتوفى (٣٧٠).
(٢) اصول الكافي ج ١ كتاب التوحيد ص ١٤٩ ج ١.
(٣) تفسير البرهان ج ١ ص ٦٧.