التشريعيّة واجبة عليكم بما منّ عليكم من فضله الجميل وإحسانه الجزيل ورحمته الواسعة ونعمته الجامعة شكرا للمنعم الوهّاب ، وعبوديّة لربّ الأرباب.
ففي تعليق الحكم على الرّب وإضافته إلى ضمير الخطاب وجوه من اللّطف والتقريب والدّعاء إلى رضوانه ، وازاحة العلّة في عبادته والإشارة إلى كونها جزءا لنعمته.
وفي تفسير الامام عليهالسلام قال قال عليّ بن الحسين عليهمالسلام في قوله تعالى (يا أَيُّهَا النَّاسُ) يعني سائر الناس المكلّفين من ولد آدم (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) أي أطيعوا ربّكم من حيث أمركم من أن تعتقدوا أن لا إله إلّا هو وحده لا شريك له ولا شبيه ولا مثل ، عدل لا يجور ، جواد لا يبخل ، حليم لا يعجل حكيم لا يخطل ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله صلىاللهعليهوآله ، وانّ آل محمّد أفضل آل النبيّين وانّ عليّا أفضل آل محمّد وانّ أصحاب محمّد المؤمنين منهم أفضل صحابة المرسلين وانّ أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله أفضل أمم المرسلين (١)
(الَّذِي خَلَقَكُمْ) صفة للربّ جرت عليه للتّعظيم والتنبيه على الاستحقاق من الطرفين ، والتعليل للأمر بذكر الصغرى للكبرى المقرّرة في العقول من وجوب شكر المنعم ، وهو شروع في الاستدلال على الرّبوبيّة المطلقة الجامعة بين التوحيد والصّانعيّة ، ووجوب العبادة بذكر الآيات الدّالة عليها كما قال سبحانه : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) (٢) فقدّم الأنفسية على الآفاقية والمتعلّقة بأصل الخلقة لكلّ أحد على خلقة غيره لمراعاة الترتيب في كل ذلك.
واحتمال اختصاص الخطاب بالمشركين المعتقدين أو المظهرين لربوبيّتين
__________________
(١) تفسير البرهان ج ١ ص ٦٦.
(٢) فصّلت : ٥٣.