أهل العربيّة نظرا إلى أنّه لم يثبت في اللّغة إلّا أنّ المحققين منهم كالكسائي (١) والأخفش وابن الأنباري (٢) وغيرهم على إثباته ، وعن قطرب (٣) وأبي علي (٤) : أنّ لعلّ الواقعة في كلامه تعالى محمولة عليه ، وذلك كما يقول القائل اقبل قولي لعلك ترشد ، وليس من ذلك على شكّ بل إنّما أراد اقبل قولي كي ترشد ، وانّما سلك هذا الأسلوب ترقيقا للفظه وتقريبا له من قلب من ينصح له ومثله قوله :
وقلتم لنا كفّوا الحروب لعلّنا |
|
نكفّ ووثّقتم لنا كلّ موثق |
فلما كففنا الحرب كانت عهودكم |
|
كلمح سراب في الملا متألّق |
فانّ المعنى كفّوا لنكفّ ، ولو كان شاكّا لما قال : ووثّقتم لنا كلّ موثق.
وبالجملة فالشواهد على كونها للتعليل كثيرة ، بل المنكرون له كالزمخشري (٥) وغيره ربما أثبتوه في كثير من الموارد كقوله : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) (٦) ، وقوله : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٧) وقوله : (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٨) ، (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٩) وغير ذلك ، والتعليل بالحكم والمصالح ووجوه محاسن الفعل غير عزيز في الشرعيّات ، ونفي الغرض إنّما هو فيما يوجب الاستكمال بالأفعال فيكون التّقوى الّذي هو
__________________
(١) ابو الحسن علي بن حمزة الكوفي المقرئ النحوي المتوفى (١٨٩) ه
(٢) ابن الأنباري : محمد بن القاسم البغدادي المتوفى (٣٢٨) ه
(٣) قطرب ابو علي محمد بن المستنير اللغوي النحوي المتوفى (٢٠٦) ه
(٤) هو أبو علي الحسن بن أحمد الفسوي اللغوي المتوفى (٣٧٧) ه
(٥) ابو القاسم محمود بن عمر الخوارزمي الزمخشري المعتزلي المتوفى (٥٣٨) ه
(٦) طه : ٤٤.
(٧) السجدة : ٢١.
(٨) البقرة : ١٨٩.
(٩) البقرة : ١٨٥.