للحكم كما في المقام الّذي يناسب العبادة ، وهي الخضوع والانقياد وشكر المنعم لإيجابها والأمر بها ، وإذا ثبت أنّ كونه عبادة علّة للأمر بها وجب في كلّ عبادة أن يكون مأمورا بها ، لدوران حصول الحكم مدار تحقّق العلّة.
ومن أنّ ظاهر الخطاب أنّ المقصود من الأمر وجوب إدخال هذه الماهيّة في الوجود ، فلا عبرة بالإطلاق بعد ظهور وروده لبيان حكم آخر ، مضافا إلى أنّ الظّاهر من العبادة والإطاعة والامتثال ونحوها هو الإتيان بالمأمور به على وجه الأمر إن واجبا فعلى وجه الوجوب أو مندوبا فكذلك ، ولذا فسر السجّاد عليهالسلام فيما حكاه الإمام في تفسيره العبادة بالاطاعة من حيث أمرهم (١) سيّما مع تفسيره بالأصول وفروع الأصول ، وأين هذا من وجوب كلّ عبادة على كلّ احد ، ومن هنا يظهر أن الثّاني أظهر فالأصل الأوّل بحاله.
ومنها : انّ الاشاعرة استدلّوا بها على أنّ العبد لا يستحقّ بفعله الثّواب لدلالتها على أنّ سبب وجوب العبادة ما بيّنه من خلقه لنا والإنعام علينا ، فحينئذ يكون الاشتغال بالعبادة أداء لحقّه الواجب ، والإنسان لا يستحق بأداء الواجب شيئا فوجب أن لا يستحقّ العبد على العبادة ثوبا على الله تعالى (٢).
وضعفه واضح إذ لعلّ السّبب هو المصلحة المقتضية ، وفائدة التعليق الحثّ على الامتثال ، سلّمنا لكنّ الوجوب لا ينفي الاستحقاق ضرورة عدم التّنافي بينهما عقلا وشرعا ، بل المعلوم من الشرع خلافه كما نطقت به الآيات والأخبار.
__________________
(١) البرهان ج ١ ص ٦٦.
(٢) تفسير الفخر الرازي ج ٢ ص ٨٧.