عبد الله أحمد بن محمود البلخي (١) وجماعة من أهل التوحيد ، والأرض على هيئة الكرة في وسط الفلك ، وهي ساكنة لا تتحرّك وعلّة سكونها أنّها في المركز وهو مذهب ابي القاسم واكثر القدماء والمنجّمين ، وقد خالف فيه الجبائي (٢) وابنه (٣) وجماعة غيرهما من أهل الآراء والمذاهب من المقلّدة والمتكلمين.
أقول ولعلّهم إنّما خالفوا في سكونها فكونها على هيئة الكرة في الوسط إجماع من الجميع أو في ذلك لكنّه نسبه إلى اكثر القدماء ، وهو الظّاهر من السيّد المرتضى رضى الله عنه ، أيضا حيث أبطل استدلال الجبائي بهذه الآية على عدم الكروية ، فقال : إنّه يكفي في النّعمة علينا أن يكون في الأرض بسائط ومواضع مفروشة ومسطوحة يمكن التصرف عليها ، وليس يجب أن يكون جميعها كذلك ومعلوم ضرورة أنّ جميع الأرض ليس مسطوحا مبسوطا وان كان مواضع التصرّف فيها بهذه الصّفة والمنجمون لا يدفعون أن يكون في الأرض سطوح يتصرّف فيها ويستقرّ عليها ، وانّما يذهبون إلى أنّ جملتها كريّة الشكل ، قال : وليس له أن يقول قوله : (جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً) ، يقتضي الإشارة إلى جميع الأرض وجملتها لا إلى مواضع منها لأنّ ذلك يدفعه الضّرورة من حيث أنّا نعلم بالمشاهدة أنّ فيها ما ليس ببسائط ولا فراش إلى آخر ما ذكره (٤) طاب ثراه.
بل يظهر أيضا من الشيخ أبي جعفر الطوسي في «المبسوط» حيث قال في مسألة رؤية الهلال في بعض البلاد : إنّ البلاد إن كانت متقاربة لا تختلف في المطالع كبغداد والبصرة كان حكمها واحدا وإن تباعدت كبغداد ومصر كان لكلّ بلد حكم نفسه (٥).
__________________
(١) البلخي ابو القاسم كان من متكلمي المعتزلة توفي ببلخ سنة (٣١٩) ه
(٢) الجبائي ابو علي محمد بن عبد الوهاب المعتزلي توفي سنة (٣٠٣) ه
(٣) ابو هاشم بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي المتوفى سنة (٣٢١) ه
(٤) الأمالي للسيد المرتضى ج ٤ ص ٩٦ ـ ٩٧.
(٥) المبسوط ج ١ ص ٢٦٨ كتاب الصوم.