ثمّ ينزل من المزن الماء ومع كلّ قطرة ملك حتّى تقع على الأرض في موضعها (١).
ولذا قال شيخنا المجلسي رحمهالله انّ ما يشاهد من انعقاد السحب في قلل الجبال وتقاطرها مع أنّ الواقف على قلّة الجبل لا يرى سحابا ولا مطرا ولا ماء والّذين تحت السّحاب ينزل عليهم المطر لا ينافي الظواهر الدّالة على أنّ المطر من السّماء بوجهين : أحدهما أنّه يمكن أن ينزل المطر من السّماء إلى السّحاب رشحا ضعيفا لا يحسّ به أو قبل انعقاد السحاب على الموضع الّذي يرتفع منه ، وثانيهما أن نقول بحصول الوجهين معا وانقسام المطر إلى القسمين فمنه ما ينزل من السّماء ومنه ما يرتفع من بخار البحار والأراضي النديّة ويؤيّده ما رواه شيخنا البهائي رحمهالله في «مفتاح الفلاح» حيث قال نقل الخاص والعام انّ المأمون ركب يوما للصيد فمرّ ببعض أزقة بغداد على جماعة من الأطفال فخافوا وهربوا وتفرّقوا وبقي واحد منهم في مكانه فتقدّم إليه المأمون فقال له كيف لم تهرب كما هرب أصحابك ، فقال لأنّ الطّريق ليس ضيّقا فيتّسع بذهابي ولا بي عندك ذنب فاخافك لأجله ، فلأي شيء أهرب؟ فأعجب كلامه المأمون فلمّا خرج إلى خارج بغداد أرسل صقره فارتفع في الهواء ولم يسقط على وجه الأرض حتّى رجع وفي منقاره سمكة صغيرة فتعجّب المأمون من ذلك فلمّا رجع تفرّق الأطفال وهربوا إلّا ذلك الطّفل ، فانّه بقي في مكانه كما في المرّة الاولى فتقدّم إليه المأمون وضام كفّه على السّمكة وقال له قل أيّ شيء في يدي فقال عليهالسلام انّ الغيم حين أخذ من ماء البحر تداخله سمك صغار
__________________
(١) مستدرك سفينة البحار ج ٩ ص ٣٨٢.