أسباب ومواد ولا سبق قابليّة واستعداد ، كما أفاض على الأصول الاوليّة من المجرّدات والماديات بابداعها وخلقها لا من شيء إذ كان الله ولم يكن معه شيء ، لكنّ الحكيم قد قضت حكمته بإبداع الأكوان وإنشاء الأعيان من الأشرف فالأشرف فأبدع أوّلا أنوارا قدسيّة وأرواحا مطهّرة إنسيّة تجلّى لها ربّها فأشرقت وطالعها فتلألأت وألقى في هويتها مثاله فأظهر عنها أفعاله فخلق من اشراق أشعّة تلك الأنوار جميع الملائكة والروحانيّين والأنبياء والمرسلين والسّموات والأرضين وساير الخلق أجمعين وأخذ عليهم الميثاق ورتّبهم في مراتبهم من الخلاف والوفاق ، وأعطى كلّ شيء خلقه ، وساق إلى كلّ مخلوق رزقه ، وسخّرهم بما أعطاهم من القابليّات وأفاض عليهم بما منحهم من العطيّات ، وجعل فواعلها مختلفة في الحركات وقوابلها مختلفة في قبول أضواء النيّرات المعدّة لنشوء الكائنات فأدار البعض على البعض واستبحّ عنها المواليد في سلسلتي الطول والعرض.
أنظر الى العرش على مائه |
|
سفينة تجري بأسمائه |
واعجب له من مركب دائر |
|
قد أودع الخلق بأحشائه |
يسبح في لجّ بلا ساحل ، |
|
في جندل الغيب وظلمائه |
وموجه احوال عشّاقه |
|
وريحه أنفاس أحبابه |
ولو تراه بالورى سائرا |
|
من ألف الخطّ إلى بائه |
ويرجع العود على بدئه |
|
ولا نهايات لإبدائه |
يكوّر الصبح على ليله |
|
وصبحه يغني بإمسائه |
لا يدري أحد من أين إلى أين إلّا مدبّرها ومحصيها بعلمه وقدرته ، (فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)