عليهم الكلمة (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) (١) فإذا سمعوا بمثل هذه الآية تتلى عليهم حصل لهم العلم بما تضمّنته من الوعيد الشّديد والتهويل الفظيع مثل ما يحصل من تذكار من كان له علم سابق بذلك بل وأعظم وأفظع.
مضافا إلى ما قد يجاب من أنّه لا يمتنع أن يتقدّم لهم بذلك سماع من أهل الكتاب أو سمعوه من رسول الله صلىاللهعليهوآله أو سمعوا قبل هذه الآية قوله في سورة التّحريم (ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) (٢) والوقود بالفتح ما يوقد به النّار من حطب وغيره كالوضوء بالفتح لما يتوضأ به ، وقد يجيء مصدرا لكن الأغلب فيه على ما صرح به سيبويه وغيره الضم وقرأ به عيسى بن عمر الهمداني (٣) على ما في «الكشاف» (٤) ، وغيره بل في «القاموس» بعد تفسير الوقد محرّكة وساكنة والوقود بالضم والفتح بالنار واتقادها : أنّ الوقود كصبور : الحطب كالوقاد والوقيد وقرء بهنّ.
لكنه لا يخفى أن الثلاثة من الشواذ مضافا الى ضعف الراوي والمروي عنه ، وعموم قوله عليهالسلام «اقرءوا كما يقرأ الناس» (٥) منصرف عن مثله ، فلا حاجة إلى التكلّف لتصحيحه باستعماله بمعنى المفعول مجازا لغويّا بأن يراد به ما يتوقد به كما يراد بفخر قومه ما يفتخرون به ، وبزين بلده ما يتزيّن به بلده ، أو بالتزام التجوّز في الإسناد كما في قولك : حياة المصباح السليط ، أي الزيت الجيّد ، أو بحذف مضاف
__________________
(١) النمل : ١٤.
(٢) التحريم : ٦.
(٣) هو عيسى بن عمر ابو عمر الهمداني الكوفي القارئ الأعمى المتوفى (١٥٦) ـ غاية النهاية ج ١ ص ٦١٢.
(٤) الكشاف ج ١ ص ٢٥٠ قال : وقرأ عيسى بن عمر الهمداني بالضم (أي بضم الواو) تسمية بالمصدر كما يقال : فلان فخر قومه وزين بلده.
(٥) وسائل الشيعة ج ٦ ص ١٦٣ ح ٧٦٣٠ وفيه : «اقرأ كما يقرأها الناس حتى يقوم القائم».