فكيف كان بدو خلقكم يا رسول الله فقال يا عمّ لما أراد الله أن يخلقنا تكلّم بكلمة خلق منها نورا ثمّ تكلّم بكلمة أخرى فخلق منها روحا ثمّ خلط (١) النور بالروح ، فخلقني وخلق عليّا وفاطمة والحسن والحسين ، فكنّا نسبّحه حين لا تسبيح ، ونقدّسه حين لا تقديس ، فلمّا أراد الله أن ينشأ خلقه فتق نوري فخلق منه العرش فالعرش من نوري ، ونوري من نور الله ، ونوري أفضل من العرش ، ثمّ فتق نور أخي عليّ فخلق منه الملائكة ، فالملائكة من نور عليّ ، ونور عليّ من نور الله ، وعليّ أفضل من الملائكة ، ثمّ فتق نور ابنتي فخلق منه السماوات والأرض ، فالسماوات والأرض من نور ابنتي فاطمة ، ونور ابنتي فاطمة من نور الله ، وابنتي فاطمة أفضل من السماوات والأرض ، ثمّ فتق نور ولدي الحسن وخلق منه الشمس والقمر ، فالشمس والقمر من نور ولدي الحسن ، ونور الحسن من نور الله ، والحسن أفضل من الشّمس والقمر ، ثمّ فتق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنّة والحور العين ، فالجنّة والحور العين من نور ولدي الحسين ، ونور ولدي الحسين من نور الله ، وولدي الحسين أفضل من الجنّة والحور العين (٢) الخبر.
فانظر كيف جعل الجنّة في الخبر الأوّل من نور محمّد صلىاللهعليهوآله وفي الثّاني من نور الحسين صلىاللهعليهوآله تنبيها على أنّها في الأصل واحد وإن كان هذا من ذاك ، ثمّ كيف عبّر في كلّ موضع من الخبر بمن الّتي للابتداء لا التّبعيض للاشعار على أنّه لا يساوق أصله في السنخ والجوهريّة بل إنّما نشأ منه بطريق الشّعاع والفرعيّة ، ثمّ كيف صرّح في كلّ منها بالوسائط من حيث كونها وسائط مع حفظ حدود التوحيد واظهار المراتب.
وأمّا اختلاف الاخبار المتقدّمة في عدد الأبواب فلعلّ المراد أنّ الثّمانية عدد
__________________
(١) في البحار : ثم مزج النور.
(٢) تأويل الآيات ج ١ ص ١٣٨.