الدّنيا إلى ـ أن قال ـ فان كان وليّا لله أتاه أطيب النّاس ريحا وأحبّهم منظرا وأحسنهم رياشا فقال أبشر بروح وريحان وجنّة نعيم ومقدمك خير مقدم فيقول له أنا عملك الصالح (١).
وفي خبر آخر عن الصادق عليهالسلام فيقول أنا رأيك الحسن الّذي كنت عليه وعملك الصّالح الّذي كنت تعمله (٢) الخبر.
وهو كما ترى صريح في تجسّم كلّ من الأعمال والاعتقادات ، وتحقيق ذلك أنّ الحقائق والماهيّات لها تقرّر في نفس الأمر ولها وجود في إدراك العقل ، وفي المشاعر الباطنة والظاهرة المتنزلة عن الإدراك العقلي المغاير لوجودها بحسب الواقع ، والحاصل أنّها تنصبغ بأحكام العوالم الّتي هي مظاهر الوجود ومحال الظهور ، ولذا ترى الحقيقة الانسانية مثلا تظهر في البصر بالصورة المعينة المكتنفة بالعوارض الماديّة ملازمة لوضع معين من قرب وبعد وغير ذلك ، وهي بعينها تظهر في الحس المشترك بصورة تشابهها من غير تلك الشرائط وهي في الحالين تقبل التكثر بحسب الأشخاص كصورة زيد وبكر ، ثمّ تظهر تلك الحقيقة في العقل بحيث لا تقبل الكثرة وتصير الإفراد المتكثرة في الصورة المبصرة والمتخيّلة متّحدة في الصورة العقلية ، فظهر من ذلك أن الحقيقة الواحدة مع وحدتها الذاتية قد تظهر في صور كثيرة متخالفة الحكم في نفسها مع مغايرتها للجميع ، ومن هذا الكلام ينفتح لك باب تعبير المنام فإن الأشياء قد يظهر لك في الرؤيا بصورة جوهرية مع كونها أعراضا في الخارج كظهور العلم فيها بصورة اللبن ، وتعليم الحكمة غير أهلها بتعليق الدّر في أعناق الخنازير ، وأذان المؤذن في شهر رمضان قبل الفجر بالختم على أفواه الرجال
__________________
(١) البحار ج ٦ ص ٢٢٥ عن تفسير القمي.
(٢) البحار ج ٦ ص ٢٦٧ ح ١١٤ عن الكافي ج ١ ص ٦٦.