وفروج النساء ، ويظهر فيها العدو بصورة الكلب والحية ونحوهما ، والسرور ، بصورة الماء الصافي والحمى بصورة الحمام ، والغم والحزن بصورة شيء من الحلويات وغير ذلك مما لا يحصى ، فإذا ألقي الى المعبر تصرف فيها من جهة المناسبة المعتبرة بينهما فيخبر بالشيء قبل وقوعه.
ومن هنا قد ورد أنّ الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا (١).
ففي هذا العالم ينظرون إلى الأشياء ولا يعرفونها بحقائقها الّتي هي عليها وانّما يتوهمون في الطاعات والتقيد بحدود الشرعة مرارة وكلفة وثقلا ومشية ، وفي مخالفة الأوامر وغصب الأموال وأكلها بالباطل وهتك الحرمات حلاوة وسرورا ونشاطا ، ولا يعلمون أنّ حلاوة الدنيا مرارة الآخرة ، ومرارة الدنيا حلاوة الآخرة ، والأنبياء والأوصياء وخلفاؤهم هم المعبرون من الحق بالحق لرؤيا الخلق ، وإن اتفقت كلمة الطغاة لجفاة العصاة على تكذيبهم والرد عليهم ولم يصدقهم إلّا أقل قليل ، إمّا لمشاهدة الحقائق على ما هي عليها كما يرون الدّنيا جيفة وطالبها كلابا ، وإمّا لتصديق ـ الرسل والأنبياء إيمانا بالغيب أو لغير ذلك ، بخلاف غيرهم ممّن هو من شقوة لازمة وغفلة دائمة فلا يتنبهون إلّا بنفخة الصور فإذا انتقلوا عن هذه الدار واستيقظوا من رقدتهم وتنبهوا من غفلتهم فيقال للكافر الجاحد : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٢) ، فيظهر سوء الخلق بصورة ضغطة القبر كما قال صلىاللهعليهوآله في سعد بن معاذ (٣) أنّه قد أصابته ضمّة إنّه كان في خلقه
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٤ ص ٤ وج ٦ ص ٢٧٧.
(٢) ق : ٢٢.
(٣) هو سعد بن معاذ بن النعمان الانصاري الاشهلي سيد الأوس الشهيد في غزوة الأحزاب سنة (٥) ه ـ التقريب ج ١ ص ٣٤٦ والعبر ج ١ ص ٧.