مع أهله سوء (١) ويحشر المتكبّر على صور الذّر تطأهم أقدام الناس في المحشر ، وتحشر من النساء من تؤذي زوجها معلقة بلسانها ، ومن كانت تخرج من بيتها بغير اذن زوجها معلقة برجليها ومن كانت لا تغطي شعرها من الرجال معلقة بشعرها ، ومن كانت تزين بدنها للناس تضرب فتأكل لحم جسدها ، إلى غير ذلك ممّا استفاضت به الاخبار وقد مر شطر منها ومن الآيات الظاهرة في ظهور الأعمال وتجسمها بالصورة المناسبة لعالم الآخرة ككون أكل مال اليتيم ظلما أكلا للنّار ملأ بطنه ، والمغتاب آكلا للحم أخيه ميتا ، وعود التمرة الّتي تصدق بها صاحبه بعد تربيته سبحانه كجبل أحد وأعظم ، وتجسّم الخلق الحسن والأعمال الصالحة بالصور الحسنة المليحة وغير ذلك ممّا مرّ.
وقد ظهر من جميع ذلك أنّه لا مانع من التّجسم عقلا باعتبار تربية نفس هذه الأعمال في صقع الملكوت بإيصال الإمدادات والفيوض الغيبية على ما هو مقتضى التربية الإلهية ، كما أنّه لا شبهة في وقوعه وصحته في الجملة حسبما هو المقطوع به من الأدلة المتقدمة.
وامّا أنّ حقيقة الجنّة والنّار لكلّ أحد هو ما كان عليه من الإيمان والكفر وجميع ما فيهما من أنواع النعيم وألوان العذاب هو نفس الأعمال والعقائد فلم يظهر عليه دليل من العقل والنقل ، وظواهر الكتاب والسنة كون ذلك على وجه الجزاء والمقابلة والتفضل ، بل التأمل في الكتاب والسنة يقضي على ذلك القول بنفي الكليّة ، وان ظهر منهما صحته في الجملة ولو من جهة الاتحاد في الحقيقة أو اعتبار المماثلة في الجزاء كما قال سبحانه (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) (٢) ، ونحن إنّما كلّفنا
__________________
(١) سفينة البحار ج ١ ص ٤٢٤.
(٢) الشورى : ٤٠.