فعن أبي جعفر عليهالسلام قال : إذا أدخل الله أهل الجنّة الجنّة وأهل النّار النّار جيء بالموت في صورة كبش حتّى يوقف بين الجنّة والنّار ، قال : ثمّ ينادي مناد يسمع أهل الدارين جميعا : يا أهل الجنة يا أهل النّار ، فإذا سمعوا الصوت أقبلوا فيقال لهم : أتدرون ما هذا؟ هذا هو الموت الّذي كنتم تخافون منه في الدّنيا ، قال : فيقول أهل الجنّة اللهم لا تدخل الموت علينا ، قال : ويقول أهل النّار : اللهم أدخل الموت علينا قال : ثمّ يذبح كما تذبح الشّاة قال : ثمّ ينادي مناد : لا موت أبدا أيقنوا بالخلود ، قال : فيفرح أهل الجنّة فرحا لو كان أحد يومئذ يموت من فرح لماتوا ، ويشهق أهل الجنّة شهقة لو كان أحد يموت من شهيق لماتوا (١).
ومن هنا يظهر أنّ العلم ببقائهم وتنعّمهم سرمد الأبد بموت الموت وحياة الحياة من أعظم النعم عليهم ، فختم به الآية لانتهائه الى اللانهاية.
وأمّا الإتيان بالموت في صورة الكبش أو خصوص الأملح فللتنبيه على نهاية ذلّته وحقارته في عبوديته وأطاعته ، وقد يعلل كونه أملح بأنّ هذا اللّون مركّب من بياض وسواد ممتزجين فهو في حقّ المؤمن نور ، وفي حقّ المنافق ظلمة ، ولما كان ذلك كذلك ولم يكن في احدى جهتيه مستمرّا اقتضى امتزاج طبعية اختلاط لونيه فكان أملح.
وفي كلام بعض المحققين كون الذبح بشفرة يحيى على نبيّنا وآله وعليهالسلام وهو صورة الحياة ولعله أخذ من المروي من طرق العامة أن يحيى عليهالسلام هو الّذي يضجعه ويذبحه بشفرة تكون في يده والنّاس ينظرون إليه.
والخطب سهل فيه وفيما سمعت من دوام النّعيم على ما دلّ عليه النقل بل ربّما يؤيد ذلك أو يستدلّ عليه بأنّ دوام الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٨ ص ٣٤٥ ح ٢.