ثمّ انّ مذهب الاماميّة خلود أهل الجنّة فيها دائما أبدا ووافقهم فيه أكثر المخالفين كالمعتزلة وبعض الاشاعرة بل ادّعى كثير من المحققين عليه إجماع المسلمين ، وربما يعزى إلى بعضهم للقول بالانقطاع ، والظاهر أنّ هذا القول كان منسوبا إليهم أيضا في عصر الأئمة عليهالسلام.
روى الكشي في رجاله عن يحيى بن أبي بكر قال : قال النظّام (١) لهشام بن الحكم (٢) أن أهل الجنّة لا يبقون في الجنّة بقاء الأبد فكيف يكون بقاؤهم كبقاء الله ومحال يبقون كذلك فقال هشام إنّ أهل الجنّة يبقون بمبق لهم والله يبقى وليس هو كذلك فقال : محال أن يبقوا للأبد ، قال : فالى ما يصيرون؟ قال يدركهم الخمود ، قال : فبلغك أن في الجنة ما تشتهي الأنفس؟ قال : نعم ، قال : فان اشتهوا وسألوا ربّهم بقاء الأبد؟ قال : إنّ الله تعالى لا يلهمهم ذلك ، قال فلو أنّ رجلا من أهل الجنّة نظر إلى ثمرة على شجرة فمد يده ليأخذها فتدلت إليه الشجرة والثمار ، ثم كانت منه بغتة فنظر إلى ثمرة أخرى أحسن منها فمدّ يده اليسرى ليأخذها فأدركه الخمود ويداه متعلقتان بشجرتين فارتفعت الأشجار وبقي هو مصلوبا فبلغك أنّ في الجنّة مصلوبين ، قال : هذا محال ، قال فالذي أتيت به أمحل منه ، أن يكون قوم قد خلقوا وعاشوا فأدخلوا الجنان يموتهم فيها يا جاهل (٣).
وبالجملة دوام البقاء والتّنعم ممّا يدل عليه صراح الآيات وصحاح الروايات المتضمنة للخلود وللدوام ولذبح الموت بين الجنة والنار.
__________________
(١) هو ابراهيم بن سيّار بن هاني البصري المتكلم المعتزلي مات سنة (٢٣١) ه ، سير أعلام النبلاء ج ٧ ص ٢٥٩.
(٢) هشام بن الحكم أبو محمد الكوفي المناظر المتكلّم الجليل توفي نحو سنة (١٩٠) ه
(٣) رجال الكشي ص ٢٧٤ رقم ٤٩٣.