الأشعث لا يزن عند الله جناح بعوضة وإنّه أقلّ في دين الله من عفطة عنز (١) ، عفطة عنز ضرطته.
وأنشد بعضهم :
لا تحقرن صغيرا في عداوته |
|
إنّ البعوضة تدمي مقلة الأسد |
ويحكى أن الزّمخشري أوصى أن يكتب هذه الأبيات على قبره :
يا من يرى مدّ البعوض جناحه |
|
في ظلمة الليل البهيم الأليل |
ويرى نياط عروقها في نحرها |
|
والمخّ في تلك العظام النّحل |
امنن عليّ بتوبة أمحو بها |
|
ما كان منّي في الزمان الأوّل (٢). |
وفي «مجمع البيان» عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : إنّما ضرب الله المثل بالبعوضة لأنّ البعوضة على صغر حجمها خلق الله فيها جميع ما خلق في الفيل مع كبره وزيادة عضوين آخرين فأراد الله تعالى أن ينبّه بذلك المؤمنين على لطيف خلفه وعجيب صنعه (٣).
ويقال (٤) : إنّه تعالى إنّما ضرب بها المثل لأنّها تحيي ما جاعت فإذا سمنت ماتت فكذلك من ضرب لهم هذا المثل إذا امتلئوا من الدنيا ريّا أخذهم الله تعالى
__________________
(١) سفينة البحار ج ٤ ص ٤٤٣ والأشعث هو ابن قيس الكندي هو الّذي ارتد عن الدين وأسر وعفى عنه ابو بكر وزوّجه أخته.
(٢) الكنى والألقاب ج ٣ ص ٢٦٩ ، وفيه كما في الكشاف : اغفر لعبد تاب من فرطاته ، وفي الكشاف أيضا : وأنشدت بعضهم يا من يرى ... إلخ.
(٣) مجمع البيان ج ١ ص ٦٧.
(٤) القائل به : هو الربيع أنس كما في المجمع ـ قال الذهبي في سير أعلام النبلاء : الربيع بن أنس بن زياد البكري الخراساني المروزي بصريّ ، كان عالم مرو في زمانه توفي سنة (١٣٩) ه
سير الأعلام ج ٦ ص ١٦٩ ـ ١٧٠.