عند ذلك كما قال سبحانه : (حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً) (١).
قال الدّميري (٢) في «حياة الحيوان» البعوض دويبة قال الجوهري : إنّه البقّ ، الواحدة بعوضة وهو وهم والحق أنّه صنفان صنف كالقراء لكن له أرجل خفيفة ورطوبة طاهرة يسمّى بالعراق والشّام الجرجس قال الجوهري ، وهو لغة في القرقس وهو البعوض الصغار ، ثمّ قال : والبعوض على خلقة الفيل إلّا أنّه أكثر أعضاء منه فانّ للفيل أربعة أرجل وخرطوما وذنبا وللبعوض مع هذه الأعضاء رجلان زائدتان وأربعة أجنحة وخرطوم الفيل مصمت ، وخرطومه مجوّف نافذ الجوف فإذا طعن به جسد الإنسان استقى الدّم وقذف به إلى جوفه ، فهو له كالبلعوم والحلقوم فلذلك اشتدّ عضّها وقويت على خرق الجلود الغلاظ ، وممّا ألهمه الله تعالى انّه إذا جلس على عضو من الأعضاء. لا يزال يتوخّى بخرطومه المسام الّتي يخرج منها العرق لأنّها أرق بشرة من جلد الإنسان فإذا وجدها وضع خرطومه فيها ، وفيه من الشره انّه يمصّ الدم إلى أن ينشق ويموت أو إلى أن يعجز من الطيران فيكون ذلك سبب هلاكه ومن ظريف أمره أنّه ربّما قتل البعير وغيره من ذوات الأربع فيبقى طريحا في الصحراء فيجتمع حوله السباع والطير الّتي تأكل الجيف فمن أكل منها شيئا مات لوقته ، وكان بعض الجبابرة من الملوك بالعراق يعذّب بالبعوض فيأخذ من يريد قتله فيخرجه مجردا إلى بعض الآجام الّتي بالبطائح ويتركه فيها مكتوفا فيقتل في أسرع وقت (٣).
وروي أنّه أرسل الله البعوض على نمرود واجتمع منه في عسكره مالا
__________________
(١) الانعام : ٤٤.
(٢) الدميري محمد بن موسى المصري الشافعي المتوفى (٨٠٨).
(٣) حياة الحيوان ج ١ ص ١٧٩ ـ ١٨٠.