قيل : إنّ الأصل أمّا زيد فمنطلق إن أردت معرفة حال زيد فزيد منطلق ، فأقيم أمّا مقام الأداة وفعل الشرط بعد حذفهما ، وقضيّة دخول الفاء على الجملة الجزائية ، إلّا أنّهم قدموا جزءا ممّا في حيّز تعويضا عن المحذوف وفرارا من توهم معطوف بلا بالمعطوف عليه وتنبيها على أنّه النوع تفضيل جنسه لكنّهم وسعوا في المقتطع منها بالنّسبة إلى الموضوع كما في المقام أو غيره كما في غيره ، فالموصولة مبتدأ خبرها مدخول الفاء ، وكذا في الجملة التالية.
في تصديرها بالدّال على الأمور الثلاثة تكريم المؤمنين وتنويه لقدرهم وتحسين لصنعهم واعتداد بعلمهم سيّما مع الإسناد إلى الموصولة ، وتعريفهم بأحسن سماتهم ، واضافة العلم الحقيقي بثبوت ذلك إليهم وانّه مبتدأ من عند ربّهم الّذي يربيهم به على حسب ما يرى فيه صلاحهم كما هو المحقق عندهم ، بخلاف الجملة التالية فانّها ناعية على الكافرين لعنادهم وتكذيبهم للحقّ وإصرارهم على الباطل بما يستفاد من التّصدير والتكفير والعدول عن الرّب ، ورميهم بالكلمة الحمقاء ، والضّمير للضرب أو للمثل.
والحقّ هو الثّابت الّذي لا يسوغ إنكاره من حق الأمر يحق بالكسر إذا ثبت ووجب ، يقال أحققت الشيء أي أوجبته ، وتحقّق عندنا الخبر أي صحّ ، وحققت قوله وظنّه تحقيقا أي صدقت ، فيعم مصاديق الصدق وغيره ولذا يطلق في الأعيان الثابتة والأفعال الصائبة والأقوال الصادقة.
(وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) عدل عن نفي العلم أو اثبات الجهل الّذي يقضي به المطابقة والمقابلة إلى حكاية القول المترتب عليه ليكون كالبرهان على ذلك لما فيه من الدلالة على كمال جهلهم وغوايتهم ونبوا أفهامهم عن إدراك الحق ووقر أسماعهم عن الإصغاء إليه ، وللتنبيه على شمول الكفر