أو من مناسبة ذاتيّة بين الألفاظ والمعاني ، كما من أهل التكسير ، وبعض الاصوليّين ، واختاره الشيخ الأحسائي والسيّد الرشتي فالدلالة عندهم طبيعيّة غير ناشئة من الوضع ، وستسمع إنشاء الله تعالى تفصيل ذلك الكلام في تفسير قوله تعالى (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) (١).
فإذا صدر الكلام من الحكيم العالم بأوضاع الحروف البسيطة والمركّبة ودلالتها من حيث الإفراد والتركيب والترتيب وحقائقها وذاتياتها وعوارضها وغير ذلك مما يتبعها ، فلا ريب أنّ مقتضى الكمال الكلامي هو إرادة جميع تلك الوجوه ومراعاة ما يلحظ في الدّال واعتبار المداليل ، سيّما وأن يكون المتكلّم هو الله سبحانه المتعالي عن وصمة النقصان.
والمخاطب أوّل من قرع باب الوجود من سرادق الإمكان.
والكلام هو القرآن الّذي لكل شيء فيه تبيان.
والمعلّم هو (الرَّحْمنُ) الّذي (عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ).
والتعليم في سرادق القدس وحضرة الأنس ، فوق صاقورة (٢) الجنان ، فوق احساس الكروبيّين ، فوق غمائم النور ، وفوق تابوت الشهادة ، فوق عمود النار ، بلا زمان ولا مكان.
هذا مضافا الى ما مرّ من اشتمال القرآن على الظهور والبطون والوجوه الّتي لها الإحاطة التدوينيّة بجميع أحوال الأكوان والكينونات والحوادث والتشريعات ، ولذا كان للإمام عليهالسلام أن يستنبط جميع ذلك من الحروف الخمسة في الصمد بل ومن
__________________
(١) البقرة : ٣١.
(٢) اشارة الى الحديث المروي عن الإمام العسكري عليهالسلام رواه في البحار ج ٢٦ ص ٢٦٥ عن كتاب المحتضر.