قال عليهالسلام : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا) الله وبولاية محمّد وعليّ وآلهما الطيّبين وسلّم لرسول الله صلىاللهعليهوآله وللأئمّة عليهالسلام أحكامهم وأخبارهم وأحوالهم ، ولم يقابلهم في أمورهم ولم يتعاط الدّخول في أسرارهم ، ولم يفش شيئا ممّا يقف عليه منها إلّا باذنهم (فَيَعْلَمُونَ) : يعلم هؤلاء المؤمنون الّذين هذه صفتهم (أَنَّهُ) أي المثل المضروب (الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) أراد به الحقّ وإبانته والكشف عنه وإيضاحه (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) بمحمّد بمعارضتهم في عليّ عليهالسلام بكمّ وكيف وتركهم الانقياد له في سائر ما أمر به (فَيَقُولُونَ : ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) أي يقول الذين كفروا إنّ الله يضلّ بهذا المثل كثيرا ويهدي به كثيرا ، فلا معنى للمثل لأنّه وإن نفع به من يهديه فهو يضرّ به من يضلّه به ، فردّ الله تعالى عليهم قيلهم فقال (وَما يُضِلُّ بِهِ) يعني ما يضلّ الله بالمثل (إِلَّا الْفاسِقِينَ) الجانين على أنفسهم بترك تأمّله وبوصفه على خلاف ما أمر الله تعالى بوصفه (١) عليه.
وكثرة كلّ من الفريقين إمّا بالنظر إلى أنفسهم من دون إضافة إلى الآخر ، وإن كان المهتدون قليلين بالإضافة كما قال : (وَقَلِيلٌ ما هُمْ) (٢) و (قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) (٣).
وفي أخبار كثيرة ، أنّ المؤمن قليل (٤) وقال أمير المؤمنين : أيّها النّاس لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة أهله (٥) ، وإمّا بالاعتبارين فإنّ كثرة الظّالمين الفسّاق من حيث العدد كما قال : (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ) (٦) ، وفي آيات
__________________
(١) تفسير البرهان ج ١ ص ٧٠ ـ ٧١ عن تفسير الامام عليهالسلام.
(٢) ص : ٢٤.
(٣) سبأ : ١٣.
(٤) راجع البحار ج ٦٧ ص ١٥٧.
(٥) نهج البلاغة : الخطبة (٢٠١).
(٦) المائدة : ٤٩.