تقطعوهم مني ، فإنّ كلّ نسب وسبب منقطع يوم القيامة إلّا سببي ونسبي ، ولمّا خالفوا الله تعالى ضلّوا وأضلّوا فحذّر الله تعالى الأمة من اتّباعهم فقال سبحانه : (وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) (١) ، والسّبيل هنا الوصي ، وقال سبحانه : (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ) (٢) الآية فخالفوا ما وصاهم الله تعالى به ، (وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) فحرّفوا دين الله جلّت عظمته وشرائعه وبدّلوا فرائضه وأحكامه وجميع ما أمروا به كما عدلوا عمّن أمروا بطاعته وأخذ عليهم العهد بموالاته ، واضطرّهم ذلك إلى استعمال الرأي والقياس فزادهم ذلك حيرة والتباسا وأمّا قوله سبحانه (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ) (٣) فكان تركهم اتّباع الدّليل الّذي أقام لهم ضلالة لهم ، فصار ذلك كأنه منسوب إليه تعالى لمّا خالفوا أمره في اتّباع الإمام ثمّ افترقوا واختلفوا ، ولعن بعضهم بعضا واستحلّ بعضهم دماء بعض (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) (٤) (٥).
«تحف العقول» و «الاحتجاج» عن ابي الحسن علي بن محمد العسكري عليهماالسلام في رسالته الطويلة إلى أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر والتفويض قال عليهالسلام في آخر الرسالة : فان قالوا ما الحجّة في قول الله تعالى : (يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (٦) وما أشبه ذلك؟ قلنا فعلى مجاز هذه الآية يقتضي معنيين أحدهما : أنّه
__________________
(١) المائدة : ٧٧.
(٢) الانعام : ١٥٣.
(٣) المدثر : ٣١.
(٤) يونس : ٣٢.
(٥) بحار الأنوار ج ٩٣ ص ١٣ ـ ١٥ من تفسير النعماني.
(٦) النحل : ٩٣.