ظاهر اللّفظ كقوله سبحانه : (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) (١) معناه وجدناك في قوم لا يعرفون نبوّتك فهديناهم بك ، وأمّا الضلال المنسوب إلى الله تعالى الّذي هو ضد الهدى والهدى هو البيان وهو معنى قوله سبحانه : (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) (٢) معناه أو لم أبيّن لهم مثل قوله سبحانه : (فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) (٣) أي بيّنا لهم وجه آخر وهو قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ) (٤).
وأمّا معنى الهدى فقوله عزوجل : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (٥) ومعنى الهادي المبيّن لما جاء به المنذر عند الله ، وقد احتجّ قوم من المنافقين على الله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها) وذلك أنّ الله تعالى لما أنزل على نبيّه صلىاللهعليهوآله (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (٦) قال طائفة من المنافقين : (ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً)؟ فأجابهم الله تعالى بقوله : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها) ـ الى قوله ـ (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) : فهذا معنى الضّلال المنسوب إليه تعالى ، لأنّه أقام لهم الإمام الهادي لما جاء به المنذر ، فخالفوه وصرفوا عنه ، بعد أن أقرّوا بفرض طاعته ، ولمّا بيّن لهم ما يأخذون وما يذرون ، فخالفوه ضلّوا ، هذا مع علمهم بما قاله النّبي صلىاللهعليهوآله وهو قوله : لا تصلّوا عليّ صلاة مبتورة إذا صلّيتم عليّ بل صلوا على أهل بيتي ولا
__________________
(١) الضحى : ٧.
(٢) السجدة : ٢٦.
(٣) فصلت : ١٧.
(٤) التوبة : ١١٥.
(٥) الرعد : ٧.
(٦) الرعد : ٧.