الآيات فعلى فرض تشابهها يجب حملها على ما يساعد عليه الأصول المقرّرة فإنّ القرآن حمّال ذو وجوه فاحملوه على أحسن الوجوه ، ولذا يجب الرجوع فيها إلى أهل البيت الذين هم حملة الوحي وخزنة تأويله وتنزيله (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ) (١).
مع أنّ لها وجوها أخر منطبقة على المذهب حسبما أشير إليها في الاخبار المأثورة منهم عليهالسلام.
ففي تفسير النعماني عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : الضّلال على وجوه فمنه ما هو محمود ، ومنه ما هو مذموم ، ومنه ما ليس بمحمود ولا مذموم ، ومنه ضلال النّسيان فامّا الضلال المحمود فهو المنسوب إلى الله كقوله (يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ) (٢) وهو ضلالهم عن طريق الجنّة بفعلهم ، والمذموم هو قوله تعالى : (وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ) (٣) (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى) (٤) ومثل ذلك كثير.
وأمّا الضّلال المنسوب إلى الأصنام فقوله تعالى في قصّة ابراهيم : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) والأصنام لا يضللن أحدا على الحقيقة انّما ضلّ النّاس بها وكفروا حين عبدوها من دون الله عزوجل وأمّا الضلال الّذي هو النّسيان فهو قوله تعالى : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) وقد ذكر الله تعالى الضّلال في مواضع من كتابه فمنه ما نسبه إلى نبيّه على
__________________
(١) آل عمران : ٧.
(٢) المدثر : ٣١.
(٣) طه : ٨٥.
(٤) طه : ٧٩.