قاتلناكم فما اجبنّاكم وهاجيناكم ، فما أفحمناكم ، وسالناكم فما أبخلناكم ، أي ما وجدتكم جبنا ولا مفحمين ولا بخلاء وقال :
تمنّى حصين أن تسود خزاعة |
|
فأمسى حصين أن أذلّ وأقهرا |
أي وجد ذليلا مقهورا فالمعنى في المقام أنّه يجد الفريقين على الوصفين.
وإنكار هذا المعنى للهمزة رأسا ممّا لا ينبغي الإصغاء إليه وتأويل الإطلاقات المتقدمة تكلف بحت ، ودعوى ظهورها في غيره بعد تسليمها مدفوعة بأنّه يجب المصير إليه بعد قيام قواطع الأدلّة على وجوب الحمل عليه أو على شيء من الوجوه المتقدّمة ولو على فرض مخالفتها للظاهر مع أنك قد سمعت ظهور البعض جدا.
تاسعها : أنّ قوله (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) من تمام قول الكفّار فكأنّهم قالوا : ماذا أراد الله بهذا المثل الّذي لا يظهر وجه الفائدة فيه ، ثمّ قالوا على وجه التّهكم : (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) فأجابهم الله تعالى بقوله : (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) على ما مرّ (١) عن الامام الصادق عليهالسلام مقتصرا عليه في تفسير الآية لكن يعود الكلام في قوله : (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) (٢) إلّا أنّ يقال إنّه أيضا من تتمّة كلامهم على وجه التهكّم مع دلالته على نسبة الفسق إليهم ، فيظهر منه فساد قول المجبرة على ما سمعت.
عاشرها : انّ المراد حجج الله وخيرته والدّعاة إليه من صفوته حيث يدعون الناس إليه سبحانه فيسعد بهم قوم ويشقى بهم آخرون ، وهذا المعمى وإن كان
__________________
(١) تفسير علي بن ابراهيم القمي ج ١ ص ٣٤.
(٢) البقرة : ٢٦.