تغيّرت الحال انكشف تعلّق العلم بالمتغيّر أيضا وأين هذا من تغيّر العلم مع أنّ من هذه الشبهة المشهورة الّتي هي افتخار الشياطين أجوبة أخرى مذكورة في محلها وقد مرّت الإشارة إلى شيء منها.
سادسها : أن يراد من الضلال والإضلال العذاب والتّعذيب لقوله : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) (١) أي في عذاب وتوقّد نار على ما فسّر به فيه وفي قوله : (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) ـ إلى قوله ـ (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ) (٢) وإن كان لا يخلو عن تأمّل لعدم تعيّن إرادته فيهما نعم قال المفيد رحمهالله في شرح العقائد إنّ الضلال في الآية الاولى هو الضلال لا غير وصرّح به غيره أيضا.
سابعها : أن المراد على ما مرّ في خبر «تحف العقول» (٣) والاحتجاج أنّه إخبار عن كونه تعالى قادرا على هداية من يشاء وضلالة من يشاء ولو أجبرهم على أحدهما لم يجب لهم ثواب ولا عليهم عقاب (٤).
ولعله عليهالسلام إنّما ذكره مع بعده ومخالفته للظاهر باعتبار أنّه إن كان ولا بد من حمله على ما ادّعت المجبرة أنّه الظاهر فلا بد من سوقه على الفرض والتقدير لا الفعلية.
ثامنها : أنّ الهمزة ليست للتعدي بل لمجرد الوجدان كما يقال أتيت أرض فلان فأعمرتها أي وجدتها عامرة ، وعن عمرو بن معديكرب أنّه قال لبني سليم
__________________
(١) القمر : ٤٧.
(٢) غافر : ٧١ ـ ٧٤.
(٣) عن ابي الحسن علي بن محمّد العسكري عليهماالسلام في رسالته الطويلة الى أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر والتفويض.
(٤) تحف العقول : ص ٣٥٥.