وبقوله : (حم) لا ينصرون ، بل عن الفائق أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم جعله شعارا لقوم يوم الأحزاب ، ومعناه على ما قيل : ومنزّل (حم) ، على النصب والجرّ ، بناء على التنوين والإضافة ، ولا ينصرون جواب القسم ، أو أنّه مرفوع على الابتدائية أو الخبرية ، أي مقولي (حم) ، أو هو مقولي ، ولا ينصرون استيناف ، كأنّه قيل : ماذا يكون إذا؟ فقال : لا ينصرون.
وبقول شريح بن أوفى العنسي قاتل محمد بن طلحة ، حيث شدّ عليه برمحه ، وهو قد شلّ درعه بين رجله وقام عليها ، وكلّما حمل عليه رجل قال : نشدتك ب (حم) حيث كان شعار حرب الحق يومئذ (حم) ، لقوله تعالى فيها : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (١) وكان محمد المعروف بالسجّاد يظهر بذلك أنّه ليس من حزب المخالفين ، فقتله شريح وهو يقول :
واشعث قوّام بآيات ربّه |
|
قليل الأذى فيما ترى العين مسلم |
شككت له بالرمح جيب قميصه |
|
فخرّ صريعا لليدين وللفم |
على غير شيء غير أن ليس تابعا |
|
عليّا ومن لا يتبع الحقّ يظلم |
يذكّرني حاميم والرمح شاجر |
|
فهلّا تلى حاميم قبل التقدّم |
حيث أنه أشار بها إلى السورة المشتملة على الآية.
والمناقشة في الوجوه المذكوره بكفاية أدنى الملابسة في الإضافة مدفوعة بأنّها لا تدفع الظهور المستفاد من الانسباق بمجرّد الإطلاق.
وأمّا ما يقال في ابطال القول بالتسمية : من أنّها لو كانت اسماء السور لوجب أن يعلم ذلك بالتواتر ، لأنّها من الأمور العجيبة الّتي تتوفر الدواعي على نقلها.
وأنّ السورة الكثيرة قد اتفقت في (الم) ... و (الر) ، و (حم) ، فالاشتباه حاصل ،
__________________
(١) الشورى : ٢٣.