واستدلّ عليه القاضي تبعا للرازي وغيره بأنّها لو لم تكن مفهمة كان الخطاب بها كالخطاب بالمهمل ، والتكلّم بالزنجي مع العربي ، ولم يكن القرآن بأسره بيانا وهدى ، ولمّا أمكن التحدّي به ، وإن كانت مفهمة فإمّا أن يراد بها السورة الّتي هي مستهلّها على أنّها ألقابها ، أو غير ذلك ، والثاني باطل ، لأنّه إمّا أن يكون المراد ما وضعت له في لغة العرب ، وظاهرا أنّه ليس كذلك ، أو غيره وهو باطل ، لأنّ القرآن نزل على لغتهم لقوله تعالى :
(بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (١) ، فلا يحمل على ما ليس في لغتهم.
ولا يخفى ضعفه من وجوه قد مرّ التنبيه على كثير منها ، كما لا يخفى ضعف ما في «مجمع البيان» بعد أن جعله أجود الأقوال قال : لأنّ أسماء الأعلام منقولة إلى التسمية من أصولها للتفرقة بين المسمّيات ، فيكون حروف المعجم منقولة إلى التسمية ، ولهذا في أسماء العرب نظير ، نحو أوس بن حارثة بن لام الطائي ، ولا خلاف في جواز التسمية بحروف المعجم ، كما يجوز أن يسمّى بالجمل ، نحو تأبط شرّا ، وبرق نحره ، وكل كلمة لم يكن على معنى الأصل فهي منقولة إلى التسمية للفرق إلى آخر ما ذكره (٢).
إذ فيه مع كونه أعمّ من المدّعى ، أنّه شبه مصادرة ، للشكّ في طرفي النقل فضلا عن كون المنقول اليه السور.
نعم يمكن التقريب له بما ورد في الأخبار الدالّة على أنّ من قرأ سورة يس ، وصاد ، وحم ، ونون ، وإلى غير ذلك من السور ، فإنّ الظاهر منها كونها أسماء لتلك المسمّيات.
__________________
(١) النحل : ١٠٣.
(٢) مجمع البيان ج ١ ص ٣٣.