ومنها : أنّهم عدّوا بعض هذه الفواتح أية دون بعض من دون استناد فيه إلى ما يصلح مرجّحا لذلك ، بل لمجرد التوقيف والتوظيف ، فعدّوا (الم) آية حيث وقعت من السور المفتتحة بها ، وهي ستّ ، وكذلك (المص) آية ، و (طسم) آية في سورتيها و (طه) آية ، و (يس) آية ، (حم) آية في سورها كلّها ، و (حم عسق) آيتان ، و (كهيعص) آية واحدة.
ولكن لم يعدّوا من الآيات (الر) في سورها الخمس ، و (المر) ، و (طس) و (ص) ، و (ق) ، و (ن).
وهذا البناء على مذهب الكوفيين ، وأمّا غيرهم فلم يعدّوا شيئا من الفواتح آية على ما حكاه عنهم الزمخشري في الكّشاف وغيره معتمدين فيها على مجرّد التوقيف.
نعم قال الطبرسي في «المجمع» : إنّما عدّ الكوفيّون (المص) آية ولم يعدّوا (ص) آية لأنّ (المص) بمنزلة الجملة ، مع أنّ آخره على ثلاثة أحرف بمنزلة المردف ، فلمّا اجتمع هذان السببان وكلّ واحد منهما يقتضي عدّه عدّوه ، ولم يعدّوا (المر) لأنّ آخره لا يشبه المردف ، ولم يعدّوا (ص) لأنّه بمنزلة اسم مفرد ، وكذلك (ق) و (ن) (١).
وقال في (المر) : إنّه لم يعدّها أحد آية ، وعدّ الكوفي (طه) و (حم) آية لأنّ (طه) مشاكلة لرءوس الآي الّتي بعدها بالألف ، مع أنّه لا يشبه الإسم المفرد كما أشبه صاد ، وقاف ، ونون ، لأنّها بمنزلة باب ، ونوح (٢).
أقول : ولعلّ البناء على مجرّد التوقيف أولى من ذلك كلّه.
__________________
(١) مجمع البيان ج ٤ سورة الأعراف ص ٣٩٤.
(٢) مجمع البيان ج ٦ ص ٦ سورة الرعد.