المتحرّك ، والابتداء بالساكن بل في الكتابة أيضا ، لأنّ الأصل في كلّ كلمة أن تكتب بصورة لفظها بتقدير الابتداء بها والوقف عليها ، ولذا يكتب : ره زيدا ، وقه عمروا.
وحكاية سؤال الخليل أصحابه في كيفيّة النطق بالجيم من جعفر مشهورة.
وأمّا على الثالث فاللازم فيه كتابة ألفاظها بحروف هجائها كالأوّل ، وربما يحكى فيه مذاهب أخر فيكون كالثاني ، ولعلّه وهم ، بل الإطباق حاصل منهم على الأوّل.
نعم قد اتّفقوا في رسم المصحف على كتابة تلك الحروف المقطّعة الواردة في بعض فواتح السور على صورها الّتي هي مصاديق مسمّياتها سواء قلنا إنّها أسماء للسور أو للقرآن ، أو لأشياء أخر ، مثل (ق) للجبل و (ص) للنهر ، أو أنّها أبعاض من أسماء الله تعالى ، أو رموز لأمور ، أو أسماء لحروف التهجّي تنبيها على أنّ القرآن مركّب من هذه الحروف كألفاظكم الّتي تكلّمون بها فهاتوا بمثلها إن قدرتم على ذلك ، الى غير ذلك من الوجوه الّتي مرّت الإشارة إليها ، فإنّهم مع اختلافهم في المراد بها ، على أقوال كثيرة قد اتفقوا على رسمها بصورها والنطق بها بصورها الهجائية فأعملوا فيها القاعدة الموجبة لتفريع الرسم على المذاهب ، وخالفوا بينه وبين النطق بها ، وذلك لمتابعة الرّسم الّذي قيل :
إنّه سنّة متّبعة ، ولذا روعي التوقيف في التلاوة والكتابة.
مضافا إلى ما لعلّه الوجه في ذلك من أنّها لمّا أريد منها معان متعدّدة متخالفة الأحكام حسبما اخترناه سابقا ، وكان بعض هذه المعاني مقتضيا لإرادة المصاديق ، وبعضها مقتضيا لإرادة نفس الأسماء أو المسمّيات الّتي هي غير المصاديق فراعوا فيها حكم الأوّل رسما ، وحكم الأخيرين نطقا كي ينصرف نظر الناظر فيها الى الأمرين ولا يهمل بعض المقصود في البين.