ومراتب الإيمان ، وفيما يجري لهما به الذكر والبيان ، إلّا أنّ أحدهما صامت والآخر ناطق ، فللصامت دلالات وبيانات لا يطّلع عليها على ما هي عليها إلّا ذلك الناطق الّذي منحه الله تعالى علمه ، وأورثه شأنه ، وبيانه ، وتنزيله وتأويله ، ولذا يفسّر به في تفسير الباطن كما أشير إليه في الخبر.
ومن هنا يظهر أنّه لا منافاة بين إرادته باعتبار الباطن ، وبين إرادة ما هو المنساق من ظاهر اللفظ على ما هو الظّاهر من تفسير الإمام عليهالسلام ، وغيره ، مع أنّ استعمال الكتاب في الإنسان الكامل سيّما هو وذريّته المعصومون سلام الله عليهم شايع مستفيض.
بل الظاهر من الشعر المنسوب الى امير المؤمنين عليهالسلام :
دوائك فيك وما تشعر |
|
ودائك منك وما تبصر |
وأنت الكتاب المبين الّذي |
|
بأحرفه يظهر المضمر |
ومن قول الصادق عليهالسلام : إنّ الصورة الإنسانية هي أكبر حجّة لله على خلقه ، وهي الكتاب الّذي كتبه بيده (١) ... الخبر على ما تقدم (٢) في تفسير (الْعالَمِينَ) إطلاقه على مطلق الإنسان باعتبار اشتماله على حروف العالم الكبير وبسائطها في صقع الاستعداد والتكوين.
ثمّ إنّ (ذلِكَ) أصله ذا ، وهو الإسم الموضوع للإشارة ، والأصل فيه أن يشار به إلى الحاضر القريب الّذي يصلح أن يقع مخاطبا إلّا أنّه لمّا اتصلت كاف الخطاب به أخرجته عن هذه الصلاحيّة ، إذ لا يخاطب اثنان في كلام واحد إلّا مع العطف الموجب للإضراب ، أو اجتماعهما في كلمة الخطاب نحو أنت وأنت فعلتما ، أو أنتما
__________________
(١) شرح الأسماء الحسنى ج ١ ص ١٢.
(٢) الصراط المستقيم ج ٣ ص ٤١١ ط مؤسّسة المعارف الاسلامية.