وتذكير الإشارة مع كون المشار اليه اسم السورة باعتبار اللفظ ، أو كونها بعض القرآن أو لمراعاة الخبر على بعض الوجوه.
وأما ما يقال من المنع من كون المشار إليه مؤنثا ، لأنّه إمّا المسمّى وهو ذلك البعض أو الإسم وهو (الم) فكذلك ، نعم لذلك المسمّى اسم آخر مؤنث ، لكن الإسم المذكور مذكّر.
ففيه أنّهم ربما يعتبرون التأنيث في المسمّى بمجرد اعتبار تأنيث أحد الاسمين ، ألا ترى أنّ كلّ حرف من الحروف يجوز تأنيث الضمير الراجع إليه باعتبار كونه كلمة ، بل في «المصباح المنير» عن أبي عمرو (١) قال : سمعت أعرابيا يمانيّا يقول : فلان لغوب جاءته كتابي فاحتقرها ، فقلت : أتقول : جاءته كتابي؟ فقال : أليس بصحيفة؟
قراءة غريبة
نقل عن عبد الله بن مسعود أنّه قرأ : ألم تنزيل الكتاب (٢).
__________________
(١) هو ابو عمرو إسحاق بن مراد الشيباني الكوفي المعروف بأبي عمرو الأحمر كان لغويا من أهل بغداد مات سنة (٢٠٥) او (٢٠٦) او (٢١٣) وقد بلغ مائة وعشر سنين ـ بغية الوعاة ص ١٩٣.
(٢) نقله الزمخشري في الكشاف ج ١ ص ١١٢.
ولا يخفى أنّ هذه القراءة مردودة لأنّها صريحة في تحريف الكتاب الإلهي الّذي وعد الله سبحانه حفظه بقوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) وأخبر بأنّه ليس فيه اختلاف بقوله سبحانه : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً) وهذه القراءة المنقولة عن ابن مسعود ليس من الاختلافات القرائية الراجعة إلى الهيئات او الموادّ الراجعة الى الهيئات ، مثلا إذا قرء لا ريب فيه برفع الباء فهو من الإختلاف في الهيئة. وإذا اختلف في (يَعْلَمُونَ) في مورد مثلا هل هذه الكلمة بالياء أو بالتاء فهو اختلاف في المادة الراجعة الى الهيئة ، أمّا تعويض (ذلِكَ) بكلمة تنزيل فهو من التحريف الّذي لا نعتقده.