إلى أنّه يفتي بين الناس يسمّى مفتياً ، وبالقياس إلى أنّه يرفع خصومة المتنازعين إليه يسمّى قاضياً ، ومع قطع النظر عن الترافع إليه يسمّى حاكم الشرع بالنسبة إلى مثل الأُمور الحسبيّة كولاية الأيتام والقصّر والغائبين ، وباعتبار ولايته يعبّر عنها بولاية الفقيه ، والأعلام بين من يحدّدها بمواردها الخاصّة التي وردت في النصوص الشرعيّة من الأُمور الحسبيّة ، وبين من يقول بولايته المطلقة ، وإنّه ممّا ينتظم به أمر المعاد والمعاش للعباد ، وأنّ حكمه مثل حكم القاضي ماضٍ على العباد مجتهدين أو مقلّدين له أم لغيره أو لا يكونوا قلّدوا واحداً لاشتراك العلّة ، وهي كونه منصوباً من المعصوم (عليهالسلام) ، ولأنّ حصول النظام لا يكون إلّا بذلك ، ولأنّه نائب المعصوم (عليهالسلام) ، والمعروف من المتأخّرين أنّ ثبوت الهلال من مناصبه (١).
ثمّ المجتهد هذا بالقياس إلى شرائط الاجتهاد التي مرّت يسمّى أُصوليّاً رجاليا محدّثاً إلى غير ذلك.
وقيل : المجتهد لا يجوز أن يقلّد المجتهد الآخر ، لأنّه إمّا أن يقول بما يقوله فيلزم اللغو ، أو يخالفه فيلزم رجوع العالم إلى الجاهل ، فإنّه يرى نفسه عالماً وغيره المخالف جاهلاً ، وإلّا يلزم العكس ، فينتفي الاجتهاد وحينئذٍ فلا يقلّد المجتهد مجتهداً آخر ، نعم ربما يستند إلى قوله من باب التأييد والمرجّحات الاجتهادية عند المعارضة ، وكذا استناده إلى قول علماء الرجال واللغة وأمثالهما فليس من باب التقليد ، فإنّه لا يستند إلى قولهم رأساً ، بل يبذل الجهد لمعرفة المعارض وما هو الصواب في
__________________
(١) ملاحظات الفريد على فوائد الوحيد : ٣٥٢.