والأخذ من مقدّمات الاتباع لا نفسه ، ثمّ من اللوازم العقليّة لحجّية قول المفتي للمقلّد المعذّرية وهذا لا يتحقّق إلّا بالعمل ، فالاعتذار يصحّ عند صدور عمل مطابق للفتوى ، كما إنّ الظاهر من آية النفر (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) هو الحذر العملي الخارجي ، كما إنّ الظاهر من قوله (عليهالسلام) : (فللعوام أن يقلّدوه) هو العمل على طبق قول العالم الموصوف بتلك الصفات ، وكذلك قوله (عليهالسلام) : (فارجعوا إلى رواة أحاديثنا) هو عمل المأمور بقول المرجع ، وصحيحة أبي عبيدة الحذّاء عن أبي جعفر (عليهالسلام) قال : من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة والعذاب ولحقه وزر من عمل بفتياه) (١) فالظاهر تقليد المفتي في العمل ، فالتقليد هو العمل دون غيره.
ثمّ يذكر السيّد حجج من قال : إنّ التقليد سابق على العمل ويناقشها.
ويبدو لي أنّ التقليد هو : مطابقة العمل لرأي المجتهد الجامع للشرائط ، فإنّ المطلوب في صحّة العبادة هو مطابقة العمل للواقع مع وجود قصد القربة فيه. نعم الطريق للواقع بالنسبة إلى العامي هو قول المفتي الجامع ، أعمّ من أن يكون ذلك بنحو الالتزام والأخذ أو نفس العمل مطلقاً أو مع الاستناد ، وذلك لما سيأتي من أنّه عمل العامي من دون تقليد ولا احتياط باطل ، وحكموا أيضاً إذا كان مطابقاً لفتوى المجتهد الذي يجوز تقليده فإنّه يصحّ عمله ، مع أنّ هذا العامي لم يكن مقلّداً له بحسب الالتزام والقصد القلبي ، كما لم يكن الاستناد في عمله. وهذا يكشف عن كون مجرّد
__________________
(١) فروع الكافي ٢ : ٣٥٨.