والتقليد في كلّ شيء إنّما يكون من سنخه ، ففي العقائد يكون من مقولة أوصاف النفس.
فيستدلّ على الجواز بأنّ النبيّ الأكرم (صلىاللهعليهوآله) كان يقبل إسلام كلّ من أقرّ بالشهادتين ولا يكلّفه بالاستدلال والنظر في البراهين والحجج (١) ، بل كان يأمرهم بتعلّم الفروع والأحكام الإسلامية.
هذا ولكن عدم السؤال لا يدلّ على جواز التقليد في أُصول الدين ، وإذا كان المراد من التقليد معناه العرفي من اتباع الغير فهذا خارج عمّا نحن فيه ، فالمقصود اتباع المجتهد في الفتوى المبتنية على الأمارات الظنية المنزلة منزلة العلم.
كما تمسّك القائل بالجواز بإطلاق قوله تعالى :
(قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ).
فإطلاقه متناول لصورة إسلامهم من دون نظر ودليل ، ولكن يمنعه الانصراف ، فلا تتمّ مقدّمات الحكمة لإثبات الإطلاق ، واستدلّ أيضاً بسيرة المسلمين على عدم مطالبة الدليل ممّن كان مسلماً على إسلامه ، إلّا أنّه يجاب أنّ السيرة جرت بعد ما جرت أيضاً على أنّ الأُصول لا بدّ من إثباتها بالنظر والدليل ، ولا يكفي فيه التقليد.
__________________
(١) الاجتهاد والتقليد : ٢٣٠.