التشكيك في ثبوت بناء العقلاء يندفع بأقلّ تأمّل (١).
ثمّ العمدة في قبول بناء العقلاء وكفايته أن لا يرد ردع بذلك من الشارع المقدّس ، وما نحن فيه لو كان الردع لبان ، ولمّا لم يكن فنكشف إمضاءه لهذه السيرة ، فيلزم تقليد الأعلم في أحكام الشرع أيضاً. هذا غاية ما يقال في بناء العقلاء في الباب.
ولكن ربما يناقش بوجوه :
الأوّل : لا يستفاد منه اعتبار الأعلميّة مطلقاً ، بل يقلّد الأعلم إذا كان فتوى غيره مخالفة للاحتياط ، وإلّا فيرجع إلى غير الأعلم فيما لو وافق الاحتياط ، كأن يفتي الأعلم بالإباحة وغيره بالوجوب.
وعند موافقتهما في الفتوى فإنّهم يحرزون المراجعة إلى أيّ منهما ، وإن كان يرجّح الرجوع إلى الأعلم لا سيّما مع احتمال المخالفة ، وإنّما يجوّزون الرجوع إلى أحدهما عند موافقتهما لوجود الملاك في رأي كلّ منهما ، وكاشفيّة كلّ منهما عن الواقع.
وعند العلم بمخالفتهما في الفتوى إجمالاً أو تفصيلاً ، وكان فتوى غير الأعلم مخالفة للاحتياط ، أو كان كلّ منهما موافقة من جهة ومخالفة من جهةٍ أُخرى ، فالظاهر من سيرتهم هو الرجوع إلى الأعلم ، وإذا كان غيره يوافق الاحتياط أو يقول به فيؤخذ بقوله من باب الاحتياط لا الحجّية ، فتدبّر.
__________________
(١) المستمسك ١ : ٢٨.