وأُجيب أنّه من مصاديق الأقربيّة ، فيرجع إلى الوجه الأوّل ، ثمّ كيف يلزم أن تكون النسبة بين العالم والأعلم نسبة الجاهل والعالم ، وكلاهما مجتهدان ، كما لا يرجع العالم إلى الأعلم ، فلو كان بمنزلة الجاهل لوجب عليه تقليد الأعلم ، والحال ربما يخطأه في مقام الاستنباط. كما إنّ السيرة العقلائيّة بعدم رجوعهم إلى الجاهل دون الفاضل مع وجود الأفضل فلا يردّون قوله مطلقاً. ثمّ الحكم على العالم بالجهل يحتاج إلى دليل تعبّدي وتنزيل من جانب الشرع ، وكيف يسلب منه العناوين الواردة في الروايات كالعارف والفقيه والراوي بمجرّد مخالفته لقول الأعلم. كما إنّ قول العالم حجّة عند عدم مخالفته للأعلم بخلاف الجاهل فلا حجّة في قوله أصلاً. فقياسه بالجاهل قياس مع الفارق من وجوه عديدة ، فليس تعارض الحجّتين كتعارض الحجّة واللاحجّة. كما يمكن أن يكون ملاك الحجّية في التقليد هو الإحاطة بمقدار من الجهات الموجب لصدق عنوان الفقيه والعالم ، فعنوان العالم والجاهل من الأُمور الإضافيّة فربما يكون جاهلاً بالمقدار الزائد الملغى اعتباره في ملاك الحجّية ..
الثالث : بحكم العقل لا يجوز العدول من الأفضل إلى المفضول ، فإنّه عدول عن أقوى الأمارتين إلى أضعفهما.
وأُجيب : إنّ هذا من المصادرة بالمطلوب ، فإثبات قول الأفضل أقوى الأمارتين شرعاً أوّل الكلام ، وكذا عدم جواز العدول مطلقاً عن أقوى الأمارتين ، كما إنّ هذا الوجه قريب إلى ما سبق فهو من مصاديقه ، وقد عرفت ما في الوجهين السابقين ، فتأمّل.