والعبادات ، تمكّن من الامتثال التفصيلي أو لم يتمكّن ، استلزم التكرار أو لم يستلزم ، كان الاحتياط في التكليف المستقلّ النفسي أو الضمني إلى غير ذلك.
والمقصود من المعاملات بالمعنى الأعمّ الواجب التوصّلي بمعنى تحقّق المتعلّق في الخارج كيف اتّفق ، مثل تطهير النجس بغسلتين أو ثلاث ، أو بالمطلق أو المضاف ، وغاية ما ينافيه أدلّة وجوب التعلّم وذكرنا أنّه إرشادي أو من الواجب النفسي التهيّؤ والمقصود منه عدم معذّرية الجهل عند مخالفة الواقع ، ويحصل المؤمّن من العقاب ودرك الواقع بالاحتياط ، بل قيل : ربما يكون أقوى من الاجتهاد والتقليد.
والمقصود من المعاملات بالمعنى الأخصّ العقود والإيقاعات ، والاحتياط فيها جائز خلافاً للشيخ الأنصاري والشهيد الثاني لاشتراطهما الجزم في الإنشاء ، فلا يكون جازماً بإنشاء صيغة النكاح المتكرّرة أو صيغة الطلاق بالجملة الفعليّة والإسميّة ، ولكن لا يضرّ الاحتياط فيه ، فإنّ الترديد فيه باعتبار الممضى شرعاً لا في الإنشاء نفسه ، والمنشئ جازم بنيّته ، وإنّما الشكّ في أمر خارج عن جملة إنشائه وهو إمضاء الشارع وحكمه بصحّة النكاح أو الطلاق ، وذكرنا أنّه ربما يتحقّق الإنشاء مع القطع بعدم الإمضاء فكيف مع الترديد ، كما لا انفكاك بين الإنشاء والمنشأ.
والمحتاط إنّما يقصد إيجاد علقة زوجيّة ، أو يبرزها بمبرز لفظي ، فإنّ الإنشاء إمّا بمعنى إيجاد المعنى باللفظ أو إبراز الوجود الاعتباري في نفس المتكلّم بمبرز ، فالترديد فيما هو الممضى شرعاً لا فيما أنشأه المنشئ ، وترتّب الأثر شرعاً على عقد أو إيقاع غير مرتبط بالترديد في قصد الإنشاء ، ومن هذا المنطلق جرت سيرة السلف