والأمن من العقاب بالامتثال ودرك الواقع ولو تعبّداً ، فالعقل يحكم حينئذٍ بأنّ من لم يكن مجتهداً في الخلاص من عهدة التكاليف لا بدّ أن يكون مقلّداً أو محتاطاً ، فإنّ عمل العامي غير المجتهد بلا تقليد ولا احتياط باطل عقلاً لاحتمال عدم مطابقة العمل للواقع ، فلو علم بعد العمل بصحّته واقعاً أو ظاهراً لمطابقته لرأي من يجب عليه تقليده أو كان مطابقاً لرأيه فإنّه يكتفى به بحكم العقل ، أي لا يصحّ عقلاً أن يقتصر على التقليد في مقام الامتثال ما لم تنكشف صحّته ومطابقته للواقع أو لرأي من يجوز تقليده فلا يجب عليه الإعادة حينئذٍ ، فلا يلزم البطلان رأساً بحيث يجب عليه الإعادة أو القضاء مطلقاً حتّى يكون المراد من البطلان حينئذٍ البطلان الشرعي كما توهّمه بعض المحشّين فقيّد البطلان بما إذا لم يصادف الواقع أو لم يتحقّق منه قصد القربة.
وهذا البطلان العقلي إنّما استظهرناه من الوجوب المذكور في المقام في المسألة الاولى في قوله (يجب على كلّ مكلّف ..) كما مرّ مفصّلاً ، فراجع.
فعمل العامي لو كان جاهلاً بالحكم لا يجزي ما دام جاهلاً لاحتمال فساد العمل عقلاً ، فإذا انكشف مطابقته للواقع أو لمن كان يجب عليه تقليده يحكم بالصحّة ويترتّب عليه آثارها.
فمن غسل ثوبه المتنجّس بالماء الطاهر مرّة واحدة وهو لا يعلم كفايتها ، فلا يترتّب آثار الطهارة عليه لاحتمال عدم حصولها ومقتضى الاستصحاب نجاسة الثوب ظاهراً ، فإذا علم حصول الطهارة بالغسل مرّة أو كان مطابقاً لفتوى من يجب تقليده ، فإنّه يجتزى به ويرتّب عليه آثار الطهارة. وهذا معنى البطلان العقلي.