يتّفقوا في الفتوى أو يختلفوا فيها ، فمع الاتفاق يلزم أن يكون التقليد عن بعضهم تقليداً عن الجميع. فإنّه لا موضوعيّة لقائل القول في تحقّق التقليد ، فالحجّية باعتبار القول ولا مدخل للقائل إلّا باعتبار الجهة التعليليّة لحجّية القول ، ومع اتحاد الأقوال واتفاقهم لا اعتداد بالقائل. فالأقوال كلّها متساوية من جهة الحجّتية ، كما إنّ السيرة العقلائيّة تحكم برجوع الجاهل إلى العالم من دون اشتراط تعيّن العالم عند وحدة النظر بين الخبراء ، فإذا حصلت لهم معرفة برأيه يأخذون به من غير توقّف على معرفة صاحب الرأي والقول مطلقاً.
وقد أنكر ذلك السيّد الحكيم في مستمسكة محتجّاً بأنّ الفرد المردّد ليس له خارجيّة كي يصلح أن يكون موضوعاً للحجّية أو غيرها من الأحكام.
وأُجيب : بأنّ الحجّية من الأحكام الوضعيّة وهي من الأُمور الاعتباريّة فلا تفتقر إلى معروض خارجي ، فإنّها تابعة لكيفيّة اعتباره لمن كان بيده الاعتبار.
هذا فيما لو اتّفق المجتهدون وأمّا مع اختلافهم في الفتوى ، فقيل : لا بدّ من التعيّن لامتناع أن يكون الجميع حجّة للتكاذب الموجب للتناقض ، ولا واحد معيّن لأنّه بلا مرجّح ، ولا التساقط والرجوع إلى غير الفتوى فإنّه خلاف الإجماع والسيرة ، فيلزم أن يكون الحجّة هو ما يختاره.
وأُجيب بعدم تمامية الحصر لإمكان الرجوع إلى أحوط الأقوال أو ما وافق المشهور ، كما يمكن الرجوع إلى الأعدل والأصدق وغير ذلك من المرجّحات الداخليّة والخارجيّة.
كما إنّ لزوم التكاذب الموجب للتناقض إنّما يستلزم لو قيل ببقاء الجميع على