لم تكن تلك الأمارة مسبوقة بالحجّية ، وإلّا كان مجرى الأصل هو الحجّية.
وإلى هذا الأصل بهذا التقرير يشير سيّدنا الخوئي (قدسسره) كما جاء في التقريرات قائلاً : وكيف كان فمقتضى الأصل عدم حجّية قول المجتهد بعد موته كما هو الحال في كلّ أمارة يشكّ في حجّيتها ولا مخرج عن هذا الأصل سوى ما استدلّ به على الجواز من وجوه لا يخلو شيء منها من المناقشة (١).
الثاني : المراد من الأصل قاعدة الاشتغال العقلي بأنّ العقل يحكم بعدم براءة الذمّة عن الاشتغال بالتكليف المعلوم ولو إجمالاً بعد العمل بفتوى المفتي الميّت ، وبعبارة اخرى يدور الأمر بين التعيّن والتخيير ، فإنّه لو قلّد الحيّ يعلم بفراغ ذمّته عمّا اشتغلت به ، فإنّ فتواه أمّا حجّة تعيّنية لاحتمال اشتراط الحياة فيه ، أو حجّة تخييرية بينه وبين الميّت ، بخلاف تقليده الميّت فإنّه لم يعلم بفراغ ذمّته لاحتمال اعتبار الحياة ، فيدور الأمر بين التعيين والتخيير ، والعقل يقول بالأوّل لا سيّما في الطرق ، فإنّه يرى الاشتغال اليقيني يحتاج إلى البراءة اليقينيّة.
وأورد عليه : أنّه لا ينفع للزوم الأخذ بفتوى الحيّ مطلقاً حتّى إذا كان الميّت أعلم بأن يكون أحسن استنباطاً وأجود دركاً ، فلو ثبت اشتراط الحياة فهو بشرط تعبّدي دون الأعلميّة فإنّه من الشرط العقلي ، فيحتمل تعيّن الرجوع إلى الأعلم فيدور الأمر بين التعيّنين ، فالأصل لا ينفع مطلقاً حتّى لو كان الميّت أعلم.
__________________
(١) فقه الشيعة ١ : ٤٣.