من رجوع العالم إلى الجاهل.
وإذا توقّف في مسألة ، فإن كان يرى تزيف دليل الآخر وإن كان جازماً ، فلا يجوز الرجوع إليه ، فإنّه من الرجوع إلى الجاهل بنظره ، وإذا احتمل أنّه استند إلى وجه لم يطلع إليه ، فقيل بجواز الرجوع وقيل بالعدم كما عند السيّد الخوئي (قدسسره) (١) لانصراف الإطلاقات المشرعة للتقليد عن مثل هذا الشخص الذي يصدق عليه حقيقة أنّه من أهل الذكر والفقيه وغيرها من العناوين. وكذا من لم يجتهد بالفعل وهو متمكّن من الاستنباط ، لانصراف الإطلاقات أيضاً عمّن يتمكّن من الوصول إلى الواقع بنفسه.
وظاهر آية السؤال (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) إنّه على نحو الانحصار إنّما يشرع السؤال لمن لم يعرف الأحكام ، أو تكون الآية مجملة فلا يستدلّ بها على مطلق الرجوع إلى الغير ، ومقتضى الأصل عدم حجّية قول الغير.
وربما يقال فيما نحن فيه بالاستصحاب ، أي استصحاب جواز الرجوع إلى الغير قبل الوصول إلى مرتبة الاجتهاد الفعلي ، فيعمّ من كان مجتهداً ، إلّا أنّه لم يستنبط الأحكام بالفعل.
ويرد عليه : أنّه من أركان الاستصحاب إحراز الموضوع ووحدته بين القضيّتين المشكوكة والمتيقّنة ، وهنا لم يحرز الموضوع ، فإنّه يحتمل أن يكون المراد من جواز الرجوع إلى الغير لمن لم يبلغ درجة الاجتهاد ، لا مطلق من لا يعلم بالحكم
__________________
(١) دروس في فقه الشيعة (تقريرات) ١ : ١١٢.