وأمّا في الروايات الشريفة فقد وردت كلمة (البيّنة) وأُريد منها ما زاد عن قول الواحد أو شهادة عدلين ، فعند الشارع قولهما حجّة وأمارة معتبرة ، فهي بيّنة واضحة. فتنصرف كلمة البيّنة في لسان الشرع إلى شهادة العدلين من باب انصراف المفهوم الكلّي إلى بعض مصاديقه ، فنذهب إلى المعنى المصطلح بالتبادر والانصراف وما هو المتفاهم عند الفقهاء.
ويدلّ على ذلك ما ورد في جملة من الأخبار.
ففي صحيحة هشام بن الحكم عن رسول الله (صلىاللهعليهوآله) ، قال : إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والايمان (١).
وعن أمير المؤمنين (عليهالسلام) قال : كان رسول الله (صلىاللهعليهوآله) يحكم بين الناس بالبيّنات والايمان في الدعاوي.
وفي صحيح جميل وهشام قال (صلىاللهعليهوآله) : البيّنة على من ادّعى ، واليمين على من ادّعي عليه.
إلى غير ذلك من روايات الباب ، والمتبادر منها كما عند الفقهاء أنّ المراد من البيّنة شهادة عدلين ، لا مطلق الحجّة الواضحة كما قيل ، فإنّه لو كان ذلك لما كان فرقاً بين المدّعى والمنكر ، فإنّ لكلّ منهما حجّة ، كما إنّ في قول الإمام الصادق (عليهالسلام) في موثّقة مسعدة بن صدقة : (الأشياء كلّها على هذا حتّى تستبين لك غير ذلك أو تقوم به البيّنة) ، فلو كان المقصود من البيّنة مطلق الحجّة الواضحة للزم أن يكون
__________________
(١) الوسائل : كتاب القضاء ، باب ٢ من أبواب كيفيّة الحكم ، الحديث ١.