ولمثل هذه الوجوه ربما اشتهرت بين الأعلام بالموثّقة. وأمّا تضعيف العلّامة والمجلسي عليهما الرحمة فلا يضرّ بوثاقة الرجل ، لاعتماد المتأخّرين في تضعيفاتهم على الاجتهادات والحدسيّات فلا يكون من الشهادة الحسّية حتّى يعتمد عليه ، كما في توثيق وتضعيف مثل الشيخ الطوسي والنجاشي عليهما الرحمة. فالرواية من حيث السند لا غبار عليها.
وأمّا الدلالة : فبعد التبادر عند الفقهاء من لفظة (البيّنة) في الأخبار بأنّها شهادة عدلين ، وما زاد على الواحد ، فإنّها تدلّ على عموم حجّيتها في كلّ موضوع ، فلا تختصّ بباب القضاء ورفع الخصومات ، فإنّ الجمع المعرّف باللام في قوله (عليهالسلام) (الأشياء) يفيد العموم ، أضف إلى ذلك تأكيده بكلمة (كلّها) فجميع الموضوعات الخارجيّة على حالها حتّى يعلم ويستبين خلافها ، أو تقوم عليه ما هو بمنزلة العلم وهو البيّنة مثل شهادة العدلين.
فالرواية الشريفة تدلّ على أنّ اليد في مثل الثوب والمملوك وأصالة عدم تحقّق النسب والرضاع في المرأة حجّة معتبرة ، لا بدّ من العمل بها حتّى يعلم أو تقوم البيّنة على الخلاف ، فالبيّنة حجّة شرعيّة لإثبات الموضوعات المذكورة في الرواية ولأمثالها حتّى في مثل الاجتهاد والأعلميّة.
وممّا يدلّ على العموم أيضاً ، جعل البيّنة في عرض العلم ، ولمّا كان العلم عامّاً ومطلقاً جارٍ في كلّ الأحكام والموضوعات ، فكذلك البيّنة وإنّما الاختلاف في كيفيّة الحجّية ، فإنّها في العلم ذاتية غنية عن الجعل والاعتبار ، وفي البيّنة محتاجة إلى الجعل ولو إمضائيّاً.