نعم ، لا بدّ في مثل هذه الشهادة أن تكون عن خبرة ، كما اشترط الماتن بأن تكون البيّنة من قبل أهل الخبرة ، فإنّ المشهود به على نحوين تارة لا يحتاج إلى فكر ونظر كالمحسوسات فلا يشترط أن يكون الشاهد فيه من أهل الخبرة ، وأُخرى بحاجة إلى إعمال الفكر والنظر كمعرفة الأرش والقيمة ومنه معرفة المجتهد والأعلم فإنّه يشترط واقعاً أن يكون الشاهد من أهل الخبرة كما هو واضح.
إلّا أنّ المراد من أهل الخبرة ليس كونه مجتهداً كما يظهر من مبنى الماتن في المسألة السابقة ، بل يكفي أن يكون من أهل العلم والتشخيص حتّى ولو لم يبلغ درجة الاجتهاد كما هو المختار. فلو كان العامي أي غير الفقيه من أهل الخبرة ويمكنه تشخيص اجتهاد المجتهد أو أعلميّته حسب الموازين الشرعية ، فإنّ علمه حجّة ، وحجّيته ذاتية ، ولا أقلّ من كونها معذّرة ومنجّزة.
ولا دليل خاصّ على عدم اعتبار علم العامي في مثل هذا المقام ، ثمّ كونه من أهل الخبرة لا دليل شرعي عليه ، إنّما الدالّ سيرة العقلاء من رجوعهم في مثل الطبّ إلى أهل الخبرة ، وليس الاجتهاد كالعدالة يعرفها الجميع.
هذا ويشترط في قيام البيّنة أن لا تكون معارضة بمثلها ، لعدم إمكان شمول الدليل الدالّ على حجّيتها للمتعارضين لاستحالة التعبّد بالضدّين أو النقيضين ، كما لا يقدّم أحدهما على الآخر للزوم الترجيح بلا مرجّح ، فيلزم حينئذ تساقطهما ، أو القول بالتخيير عند تكافئهما على اختلاف المباني.
ومع وجود الترجيح يقدّم من كان فيه ذلك ، فلو كانت إحدى البيّنتين المتعارضتين أكثر عدداً من الأُخرى ، فقيل بتقديمها وقيل بالعدم ، لأنّ الترجيح