وإذا كان خبر الثقة حجّة في الأحكام بالدلالة المطابقية ، فكذلك حجّة في ما يقع طريقاً للأحكام بالدلالة الالتزامية. والشهادة بالاجتهاد أو الأعلمية من إثبات الموضوع في طريق الحكم الكلّي ، فمدلوله المطابقي هو أصل الاجتهاد وهو إخبار عن الموضوع ، ومدلوله الالتزامي هو ثبوت الحكم الكلّي الذي يؤدّي إليه نظر المجتهد ، نظير أخبار زرارة عن قول المعصوم الذي هو إخبار عن الموضوع يكون أيضاً إخباراً عن الحكم الكلّي ويكون حجّة على المجتهد.
يقول السيّد الحكيم في مستمسكه (١) :
وتوهّم اختصاص أدلّة حجّية خبر الثقة بالإخبار عن الحسّ فلا تشمل الإخبار عن الاجتهاد الذي هو أمر حدسي ، مدفوع بأنّ الإخبار عن الاجتهاد من قبيل الإخبار عن الحسّ كالإخبار عن قول الإمام (عليهالسلام) ودلالتهما على الحكم الكلّي بالالتزام إنّما هو بتوسّط الحدس ، غاية الأمر أنّ الحدس في الثاني من المجتهد وحجّة عليه ، والحدس في الأوّل من المجتهد وحجّة على العامي المقلّد له. وعلى هذا المبنى يكفي توثيق رجال السند بخبر الثقة ، وكذا في إثبات المعنى بإخبار اللغوي الثقة ، ولو قلنا بحجّية خبر الثقة في الموضوعات كما عليه بناء العقلاء فالحكم أظهر ، لكنّه محلّ تأمّل ، لإمكان دعوى تحقّق الردع عنه.
وأُجيب عنه : بأنّ أدلّة حجّية خبر الثقة بناءً على سيرة العقلاء غير مختصّة بالموضوعات التي تحكي عن الحكم الكلّي بل تعمّ مطلق الموضوعات. كما أنّ
__________________
(١) مستمسك العروة الوثقى ١ : ٣٨.