فطرأ عليه الجنون ، فهل يجوز له البقاء كما لو قلّده حيّاً فمات؟
ربما يتوهّم أنّ الملاك والمقام واحد فكما يجوز البقاء على تقليد الميّت فيما لو قلّده حيّاً ، فكذلك لو قلّده عاقلاً فجنّ فيجوز البقاء.
ولكن الحقّ خلاف ذلك ، فإنّ المتسالم عليه والذي يعرف من مذاق الشارع المقدّس أن لا يسلّم زمام أُمور الشيعة وزعامة المسلمين بيد مجنون كما في البلوغ بناءً على اشتراط العقل في المجتهد الذي يرجع إليه في الفتيا ، لا مطلق المجتهد. ولا يقاس الجنون بالموت ، فإنّ الموت لا يعدّ نقصاً بل يعدّ كمالاً لتجرّد النفس عن المادّة ، بخلاف الجنون. ولمثل هذا يطرأ الموت على الأنبياء والأوصياء دون الجنون.
وأمّا المقام الثاني : وهو تقليد المجنون الأدواري الذي يعقل تارة ويجنّ اخرى ، فهل يجوز تقليده حين تعقّله وإفاقته؟ في المسألة وجهان :
من عدم المحذور في الرجوع إليه حين إقامته لشمول إطلاقات الأدلّة وبناء العقلاء وحكم العقل. كما ذهب سيّدنا الحكيم (قدسسره) إلى أنّه لا مانع عند العقلاء من الرجوع إلى الأدواري حال إفاقته ، ونقل حكاية القول بذلك عن بعض متأخّري المتأخّرين وهما صاحب (المفاتيح) و (الإشارات) ، وقال : (لا بأس به إن لم ينعقد إجماع على خلافه لعموم الأدلّة أيضاً) (١).
كما ذهب سيّدنا الخوئي إلى ذلك أيضاً فقال : وأمّا المجنون الأدواري فالظاهر أنّه لا محذور في الرجوع إليه حال إفاقته لشمول الإطلاقات والسيرة له) (٢).
__________________
(١) المستمسك ١ : ٤٢.
(٢) دروس في فقه الشيعة ١ : ١٢٠.