من له منقصة مسقطة له عن المكانة والوقار ، لأنّ المرجعيّة في التقليد من أعظم المناصب الإلهية بعد الولاية ، وكيف يرضى الشارع الحكيم أن يتصدّى لمثلها من لا قيمة له لدى العقلاء والشيعة المراجعين له ، وهل يحتمل أن يرجعهم إلى رجل يرقص في المقاهي والأسواق أو يضرب بالطنبور في المجامع والمعاهد ويرتكب ما يرتكبه من الأفعال المنكرة والقبائح ، أو من لا يتديّن بدين الأئمة الكرام ويذهب إلى مذاهب باطلة عند الشيعة المراجعين إليه؟!! فإنّ المستفاد من مذاق الشرع الأنور عدم رضى الشارع بإمامة من هو كذلك في الجماعة ، حيث اشترط في إمام الجماعة العدالة فما ظنّك بالزعامة العظمى التي هي من أعظم المناصب بعد الولاية. إذاً احتمال جواز الرجوع إلى غير العاقل ، أو غير العادل مقطوع العدم ، فالعقل والإيمان والعدالة معتبرة في المقلّد حدوثاً ، كما أنّها معتبرة فيه بحسب البقاء لعين ما قدّمناه في اعتبارها حدوثاً.
ولعلّ ما ذكرنا من الارتكاز المتشرّعي هو المراد ممّا وقع في كلام شيخنا الأنصاري (قدسسره) من الإجماع على اعتبار الإيمان والعقل والعدالة في المقلّد إذ لا تحتمل قيام إجماع تعبّدي بينهم على اشتراط تلك الأُمور (١). انتهى كلامه رفع الله مقامه.
ونقول : يجري هذا الكلام والوجه نفسه في اشتراط البلوغ ، فكيف يذهب إلى أنّه من مذاق الشارع يفهم عدم اعتبار البلوغ؟ فتدبّر.
__________________
(١) التنقيح ١ : ٢٢٤.